الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مناقشة قول: لولا أنه أحبك ما أوجدك

السؤال

انتشر مقطع فيديو عن (كيف يحبنا الله). وفيه هذه الجملة: لولا أنه أحبك ما أوجدك. فهل يجوز هذا القول؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليس كل ما أوجده الله محبوبا له، ولا يلزم من إيجاد الله الشيء كونه يحبه، فلا تلازم بين الإرادة الكونية القدرية، وبين المحبة.

فالله تعالى قد أوجد إبليس، وأوجد الكفار والفجار، وسائر أصناف المردة من الجن والإنس، وهم مبغوضون له سبحانه، وإنما أوجدهم لما له في ذلك من الحكمة البالغة.

قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: وأما جمهور الناس فيفرقون بين المشيئة والإرادة، وبين المحبة والرضا؛ كما يوجد الفرق بينهما في الناس. فإن الإنسان قد يريد شرب الدواء ونحوه من الأشياء الكريهة التي يبغضها ولا يحبها، ويحب أكل الأشياء التي يشتهيها كاشتهاء المريض؛ لما حمي عنه واشتهاء الصائم الماء البارد مع عطشه، ولا يريد فعل ذلك.

فقد تبين أنه يحب ما لا يريده، ويريد ما لا يحبه، وذلك أن المراد قد يراد لغيره، فيريد الأشياء المكروهة لما في عاقبتها من الأشياء المحبوبة، ويكره فعل بعض ما يحبه؛ لأنه يفضي إلى ما يبغضه. والله تعالى له الحكمة فيما يخلقه، وهو سبحانه يحب المتقين، والمحسنين، والتوابين، ويرضى عن الذين آمنوا، وعملوا الصالحات، ويفرح بتوبة التائب أعظم من فرح الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في مهلكة إذا وجدها بعد الإياس منها، كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه و سلم- في الصحيحين وغيرهما من غير وجه. انتهى

وبه يتبين لك ما في هذه العبارة من النظر، وأنه لا بد من التفريق بين الإرادة الكونية التي بها وجدت جميع الموجودات، وبين المحبة، فإنه لا تلازم بينهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني