الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكث الطويل في الحمام وأحلام اليقظة فيه

السؤال

جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع، فقد أفادني كثيرًا، وأرجو أن يكون في ميزان حسناتكم، بارك الله فيكم.
أنا فتاة ليس لديّ مكان خاص بي للتأمل، أو التفكير، أو الإبداع، فغرفتي مشتركة مع أختي، وعائلتي تفرض عليّ أن أكون معهما، ولا أجلس مع نفسي، مع العلم أني شخصية قارئة، ومتسعة الخيال، وأحب التفكير والتحليل، وليس هناك مكان غير الحمام، فأستعيذ وأدخل، وأقضي أكثر من ساعة فيه أو أكثر، وأحب التخيل كثيرًا، فأتخيل أني في مقابلة تلفزيونية، وأكلم نفسي في المرآة -كأنني أكلم المذيعة- لساعة متواصلة، أو أتخيل أني في مغامرة...
كما أني أقرأ فيه روايات، وأشاهد فيديوهات يوتيوب، وألعب فيه رياضة، وأفكّر فيه كثيرًا، وأحيانًا آكل فيه.
أرجو أن تفتوني في سؤالي جزءًا جزءًا؛ لأعلم ما يجب تركه، وما لا يجب. جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا كنت تفعلين هذه الأمور حال قضاء الحاجة، أو كشف العورة؛ فهذا مما لا يجوز عند كثير من العلماء؛ لأن كشف العورة في الخلوة مختلف فيه، وقد ذهب إلى تحريمه جمع، إن كان لغير حاجة، قال البهوتي في الروض: (وَ) يحرمُ (لُبْثُه فَوقَ حَاجَتِهِ)؛ لما فيه مِن كشفِ العورةِ بلا حاجةٍ، وهو مُضرٌّ عندَ الأطباءِ. انتهى.

وأما إن كنت تفعلين هذا الأفعال وأنت لابسة ثوبك، فهذا مما لا ينبغي؛ فإن الحشوش محتضرة، وهي مأوى الشياطين، وقد روى أبو داود، وغيره حديث: إن هذه الحشوش محتضرة. قال صاحب عون المعبود: (مُحْتَضَرَةٌ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، أَيْ: تَحْضُرُهَا الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، وتنتابها لقصد الأذى. انتهى.

فالعاقل يتنزه عن المقام فيها والمكث لغير ما تدعو إليه الحاجة.

وما تفعلينه ليس مما تدعو إليه الحاجة، بل هو مما ينبغي على العاقل تركه، ولو في غير هذا الموضع؛ فإنه من أحلام اليقظة التي لا فائدة من ورائها، والعاقل إنما يشغل نفسه بالفكرة فيما ينفعه في أمر دِينه ودنياه، ويحرس خواطره، فلا يجعلها نهبًا لهذه العوارض التي تلتهم وقته في غير طائل، وانظري الفتوى: 150491.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني