الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم الخطيب في الخطأ بنطق بعض الكلمات أو اختصارها؟

السؤال

ما حكم من يخطئ عمدا أثناء النطق في الخطبة والنصيحة؟ مثلا كُرَن (قرآن) رُكُ(ركوع) حَدِث (حديث) إبَدَت (عبادات)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه من المستغرب جدا أن يقوم شخص يتصدى للخطابة, والنصحية, بتعمد الخطإ في خطبته, أو نصيحته.

ولعل المقصود أن هذا الشخص يغيّر بعض الكلمات لعجز في النطق لعُجمة مثلا, فإذا كان الأمر كذلك، فإنه لا يأثم, بل ينبغي أن يسعى في نفع المسلمين بما قدر عليه من النصح, والدعوة إلى الله تعالى, ويجتهد في إصلاح الأخطاء ويأتي بما يستطيع, ولا يلزمه أكثر من ذلك؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.

يقول الشيخ السعدي في تفسيره لهذه الآية: يأمر تعالى بتقواه، التي هي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ويقيد ذلك بالاستطاعة والقدرة.
فهذه الآية، تدل على أن كل واجب عجز عنه العبد، أنه يسقط عنه، وأنه إذا قدر على بعض المأمور، وعجز عن بعضه، فإنه يأتي بما يقدر عليه، ويسقط عنه ما يعجز عنه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر، فأتوا منه ما استطعتم ".

ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع، ما لا يدخل تحت الحصر. اهـ.

وقال النووي المجموع: قال أصحابنا: على الأخرس أن يحرك لسانه بقصد القراءة، بقدر ما يحركه الناطق؛ لأن القراءة تتضمن نطقا وتحريك اللسان؛ فسقط ما عجز عنه، ووجب ما قدر عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" رواه البخاري ومسلم. اهـ.

واللحن في خطبة الجمعة لا يبطلها، كما جاء في الفتوى: 71899.

أما بالنسبة للصلاة, فلا يجزئ الاقتداء بمن يخطئ في الفاتحة ـ لعجزه ـ خطأ يغيِّر المعنى، إلا لمن كان عاجزا مثله. وانظر التفصيل في الفتوى: 105126. وهي بعنوان" أحوال الاقتداء بالإمام الذي يلحن في الفاتحة وغيرها"

وعلى افتراض أن هذا الشخص ينطق بالكلمات المذكورة على وجه الاختصار, أو تقريب المعنى مثلا, فهذا لا حرج فيه، بشرط ألا يشمل ذلك تغيير ألفاظ القرآن الكريم أو الحديث الشريف؛ فإن ذلك لا يجوز.

وراجع المزيد في الفتويين: 62078، 187681.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني