الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رجعة المطلقة للزوج الذي لا يصوم ويأمرها بمشاهدة الأفلام السيئة

السؤال

زوجي تزوج دون أن يخبرني، مما أصابني بصدمة كبيرة جدًّا، وكنا نتناقش أنا وهو وأخته، فقال لي: ماذا تريدين الآن؟ فقلت له: طلقني، فقال لي: "أنت طالق"، فسأل شيخ جامع، فقال له: طلاق الغضب لا يقع، وهو كان غاضبًا، لكن عقله لم يكن غائبًا، ولم أغضبه، وهو قال لي: لقد رددتك، ولا أعرف ما هو الصحيح، علمًا أني متضررة نفسيًّا، وهو يطلب حقه الشرعي، وأنا أقول له: أنت رميت يمينًا، فقال لي: لقد رددتك، وهذه أول طلقة، وقد تزوجنا منذ 12 سنة، وعندنا 3 أطفال.
وهناك شيء آخر: هو لا يصوم رمضان، ويصلي الفروض فقط، ويشاهد أفلامًا سيئة على النت، ويريد مني أن أشاهدها معه.
أريد أن أنفصل؛ لأني مصلية، وأخاف الله، وحافظة للقرآن، وأنا خائفة على أولادي من الطلاق، وفي نفس الوقت خائفة من غضب ربنا بسبب هذه الأفلام، وكيف يرد الزوج امرأته بعد اليمين: هل يردها وحده، أم لا بدّ من مأذون؟ وشكرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالمفتى به عندنا أنّ الغضب وإن كان شديدًا لا يمنع نفوذ الطلاق، ما لم يزل العقل، وراجع الفتوى: 337432.

وعليه؛ فما دام زوجك قد تلفظ بصريح الطلاق، غير مغلوب على عقله؛ فقد وقع طلاقه عليك، وما دامت هذه الطلقة الأولى، فمن حقّه مراجعتك في عدتك.

فما دام قال لك في العدة: قد رددتك؛ فقد رجعت إلى عصمته.

والواجب عليك طاعته إذا دعاك إلى الفراش، ما لم يكن لك عذر؛ فالرجعة تحصل بمجرد تلفظ الزوج بها، ولا تفتقر إلى رضا الزوجة، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا يعتبر في الرجعة رضا المرأة؛ لقول الله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحًا} [البقرة:228]، فجعل الحق لهم. وقال سبحانه: {فأمسكوهن بمعروف} [البقرة:231]، فخاطب الأزواج بالأمر، ولم يجعل لهن اختيارًا. ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية، فلم يعتبر رضاها في ذلك، كالتي في صلب نكاحه. وأجمع أهل العلم على هذا. انتهى.

ولا يلزم لصحة الرجعة شرعًا وقوعها عند المأذون، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعًا، راجعي الفتوى: 54195.

وإذا كان زوجك لا يصوم رمضان بغير عذر؛ فهو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وتارك لركن من أركان الإسلام.

وإذا كان يشاهد الأفلام المحرمة، ويطلب منك مشاهدتها معه؛ فلا تجوز لك طاعته في ذلك.

وإذا لم يتب إلى الله تعالى، وبقي على تلك الحال، فالأولى لك مفارقته بطلاق، أو خلع، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج، فتتخلص منه بالخلع، ونحوه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني