الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يلزم من أسلم قبل طلوع الفجر صلاة العشاء؟

السؤال

ما حكم من ارتد بعد منتصف الليل، وتشهد في وقتها؟ وهل يصلي العشاء؟ علمًا أنه منذ زمان كان لا يصلي كسلًا، ثم تاب، وأخذ بمذهب من يقول: إنه لا يجب عليه القضاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فوقت العشاء ممتد إلى طلوع الفجر، لكنه بعد ثلث الليل، أو منتصفه، وقت ضرورة عند الحنابلة.

ومن زال عنه المانع من الصلاة قبل طلوع الفجر، كأن أسلم الكافر، أو طهرت الحائض، أو بلغ الصبي، فعليهم أن يصلوا العشاء، ويجب عليهم كذلك أن يصلوا المغرب؛ لأن وقت العشاء وقت للمغرب عند الضرورة.

وعليه؛ فمن أسلم بعد منتصف الليل، ولم يكن صلى العشاء، فيجب عليه أن يصليها؛ لأن وقتها ما زال باقيًا، قال البهوتي في شرح الإقناع: وَالْأَصْلُ: أَنَّهُ لَا تَجِبُ صَلَاةٌ إلَّا بِإِدْرَاكِ وَقْتِهَا (وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُهَا) أَيْ: قَدْرُ التَّكْبِيرَةِ (مِنْ آخِرِهِ) أَيْ: آخِرِ الْوَقْتِ (ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ) مِنْ حَيْضٍ، أَوْ جُنُونٍ، وَنَحْوِهِ (وَوُجِدَ الْمُقْتَضِي) لِلْوُجُوبِ (بِبُلُوغِ صَبِيٍّ، أَوْ إفَاقَةِ مَجْنُونٍ، أَوْ إسْلَامِ كَافِرٍ، أَوْ طُهْرِ حَائِضٍ) أَوْ نُفَسَاءَ (وَجَبَ قَضَاؤُهَا، وَقَضَاءُ مَا تَجَمَّعَ إلَيْهَا قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَ) زَوَالُ الْمَانِعِ، أَوْ طُرُوءُ التَّكْلِيفِ (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصُّبْحِ) فَقَطْ؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُجْمَعُ إلَيْهَا (وَإِنْ كَانَ قَبْلَ غُرُوبِهَا؛ لَزِمَ قَضَاءُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لَزِمَ قَضَاءُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْحَائِضِ تَطْهُرُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ: تُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. فَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الثَّانِيَةِ وَقْتٌ لِلْأُولَى حَالَ الْعُذْرِ، فَإِذَا أَدْرَكَهُ الْمَعْذُورُ، لَزِمَهُ قَضَاءُ فَرْضِهَا، كَمَا يَلْزَمُ فَرْضُ الثَّانِيَةِ. انتهى.

وأما الصلاة المتروكة كسلًا، ففي وجوب قضائها خلاف، أوضحناه في الفتوى: 128781، والأحوط أن تُقضى؛ خروجًا من الخلاف، وعملًا بقول الجمهور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني