الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بذل البشر الأسباب لزيادة إنتاج البيض لا يعارض تفرّد الله تعالى بالخلق

السؤال

كيف تزيد المصانع إنتاج البيض ولا خالق غير الله سبحانه وتعالى؟ فأنا لا أفهم ماذا يفعلون بالتحديد؟ لكني أعلم أنه لا خالق غير ربنا جل وعلا، فأرجو أن تشرحوا لي كيف تتم صناعة البيض بواسطة التكنولوجيا الحديثة، وأن تزيلوا عني شبهة تعارضها مع أنه لا خالق غير الله.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالله جل وعلا هو خالق المخلوق، وخالق السبب الذي وجد به، ومشيئة الله سبحانه وحده هي المستقلة بالتأثير، وأما السبب فلا يستقل بالتأثير، بل لا بد له من أسباب أخرى معه، وانتفاء الموانع عنه حتى يؤثر، ولا يتم ذلك كله إلا بمشيئة الله سبحانه وحده، قال ابن تيمية: وليس عند الحنفاء أن أحدًا غير الله يستقل بفعل شيء، بل غايته أن يكون سببًا، والأثر لا يحصل إلا به، وبغيره من الأسباب، وبصرف الموانع. والله تعالى هو الذي يخلق بتأثير الأسباب، وبدفع الموانع مع خلقه سبحانه أيضًا لهذا السبب، لكن المقصود أنه ليس في الوجود ما يستقل بإحداث شيء، ولا ثَمَّ شيء يوجب كل أثر إلا مشيئة الله وحده، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن. اهـ. من الرد على المنطقيين.

وقال أيضًا: كل ما سوى الله تعالى دائم الفقر والاحتياج إليه، لا يحدث ولا يبقى إلا بمشيئته القديمة، فما كان بالأسباب، فالله خالقه وخالق سببه جميعًا، ويقولون مع هذا: إن الأسباب التي خلقها، ليس فيها ما يستقل بالتأثير في شيء من الأشياء، بل لا بد له من أسباب أخر تعاونه وتشاركه، وهو مع ذلك له معارضات، وموانع تعارضه وتدافعه، كما في الشعاع الحادث عن الشمس، والاحتراق الحادث عن النار، ونحو ذلك. فإنه لا بد مع الشمس من محل قابل لانعكاس الشعاع عليه، وهو مع ذلك يمتنع بحصول الحائل؛ كالسحاب، والسقف، وغير ذلك من الموانع، وبكل حائل. اهـ. من الصفدية.

وقال ابن القيم في الفوائد: قاعدة: ليس في الوجود الممكن سبب واحد مستقل بالتأثير، بل لا يؤثر سبب البتة إلا بانضمام سبب آخر إليه، وانتفاء مانع يمنع تأثيره؛ كتأثير الشمس في الحيوان والنبات، فإنه موقوف على أسباب أخر، من وجود محل قابل، وأسباب أخر تنضم إلى ذلك السبب، وكذلك حصول الولد موقوف على عدة أسباب غير وطء الفحل، وكذلك جميع الأسباب مع مسبباتها، فكل ما يخاف ويرجى من المخلوقات، فأعلى غاياته أن يكون جزء سبب غير مستقل بالتأثير، ولا يستقل بالتأثير وحده دون توقف تأثيره على غيره إلا الله الواحد القهار. اهـ.

وبهذا يتبين لك أن بذل البشر أسبابًا لزيادة إنتاج البيض هو كفعلهم لسائر الأسباب، لا يعارض كون الله جل وعلا هو المتفرد بالخلق والإيجاد، وأنه لا يستقل بالتأثير إلا الله سبحانه، وأن الأسباب لا تؤثر إلا بمشيئته وتقديره.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني