الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تأخر زواج المرأة العاصية قد يكون بسبب ذنوبها لا السحر

السؤال

أنا بعثت إليكم بعدما يئست من كل شيء، فمنذ أن كنت في 15 من عمري إلى أن أصبح عمري الآن 28 وحياتي كلها مشاكل، وفشل يتبعه فشل، ولا أبالغ، فقد أحببت شابًّا، وكنا ننوي الزواج، وغلطت معه أكثر من مرة.
وكل أحد يتقدم لي لا يرجع دون سبب، وأنا غير قادرة على الصلاة، وكل مرة أقول: سأصلي أفشل، وأشعر بوجود شيء أقوى مني.
وعندما أتقدم لعمل يستغنون عني، ولا أبالغ، وكل شيء مقفل.
وسألت شيوخًا كثيرين، فقالوا لي: عندك تابعة من ولادتك، وحسد قوي، وجن عاشق معطِّل كل حياتك، وقالوا لي: نستطيع أن نعمل شيئًا بالقرآن والبخور، وستنفتح في وجهك، لكني أخاف، ولا أضمن أن يكون كلامهم صحيحًا، فهل هذا الشيء -الذي سيعملونه، ويجعلني أتزوج، وأشتغل، وأصلي- حرام؟ وأنا قد زنيت وندمت، فإذا عملت عملية ترقيع غشاء البكارة، وتزوجت، ولم أخبره، فهل ذلك حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلنبدأ أولًا بما هو أهم، وهو أمر الصلاة، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وعماد الدِّين، والصلة بين العبد وربه، فتركها أو التفريط فيها، أمر خطير، كما بينا في الفتوى: 1145، والفتوى: 62756.

والعقل هو مناط التكليف، فلا تسقط الصلاة عمن يعقل، كما بينا في الفتوى: 52394، والفتوى 44197.

وإذا كانت هنالك شيء من المغالبة، فجاهدي نفسك.

وتجب التوبة فيما وقع من التفريط، ويجب أيضًا قضاء الصلوات الفائتة، حسب ما يتيسر، وفي أي وقت يتيسر ذلك، وانظري للمزيد الفتوى: 93959.

ثانيًا: إن تأخير الزواج قد لا يكون سببه سحرًا ونحوه، فقد يكون مجرد ابتلاء، وقد يكون عقوبة على هذه المعصية العظيمة التي وقعت فيها؛ فإن المرء قد يحرم الخير بذنب يصيبه، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.

ولا يكفي ما ذكرت من ندمك على هذا الذنب، بل يجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح المستجمعة للشروط، والندم واحد منها، كما هو مبين في الفتوى: 29785.

فنوصيك بكثرة الدعاء، وسؤال الله عز وجل التيسير، وكذلك الاستعانة ببعض أقربائك وصديقاتك في البحث عن رجل صالح للزواج منه، وراجعي الفتوى: 18430. هذا أولًا.

ثالثًا: إن غلب على الظن أن يكون هنالك أمر غير عادي من سحر ونحوه؛ فهنالك العلاج الشرعي، وهو الرقية بشروطها، وقد بيناها في الفتوى: 4310.

والأولى بالمسلم أن يرقي نفسه بنفسه، ما أمكنه ذلك، فهو صاحب الشأن، والأرجى لأن يخلص لنفسه.

وإن احتاج للاستعانة بالآخرين، فلا حرج، ولكن ينبغي الحرص على أهل الاستقامة في العقيدة، والعمل، والحذر من السحرة، وأهل الشعوذة والدجل، وراجعي الفتوى: 1858.

رابعًا: لا تغتري بكل من يدّعي أنه يعالج السحر أو المس بالقرآن، بل ينبغي تحرّي الراقي الذي عرف عند الناس بالاستقامة في العقيدة، والعمل، والأخلاق، فهذا ينضبط بالضوابط الشرعية، ويجتنب البدع.

ويجب الحذر ممن عرف بالدجل والشعوذة، فقد يلبّس على الناس، ويتظاهر بقراءة القرآن، ويكون ممن يستعين بالجن والشياطين. ولمزيد الفائدة، راجعي الفتوى: 6347.

خامسًا: إن ترقيع غشاء البكارة محرم، فلا يجوز المصير إليه، إلا لضرورة؛ كأن يغلب على الظن أن تقتل الفتاة بسبب ذلك، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 49021، وقد أوضحنا فيها أن المعتبر الضرر المحقق لا المتوهم.

ولا يجب إخبار الخاطب بزوال البكارة، إلا إذا اشترطها.

ولو قدّر أن اطلع على زوالها، وسأل عن السبب، فلا يجوز إخباره بأمر الزنى، ولكن ينبغي استخدام التورية، وبيان أن أسباب زوال البكارة كثيرة، ومنها الحيض، وغيره، وتراجع الفتوى: 198301، والفتوى: 366625.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني