الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم ترك الصلاة للمريض في العناية المركزة

السؤال

والدي كان يصلي، ولكن في آخر أيامه مرض مرضا شديدا، وكان في العناية، وكان متعبا جدا، ولم يصل لمدة ثلاثة أيام قبل الوفاة بسبب العناية المركزة.
هل يعتبر هذا شيئا غير جيد؟ وماذا يمكن أن نفعل؛ لنكفر عن هذه الصلوات؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فرحم الله أباك رحمة واسعة، ثم إن كان أبوك قد فقد عقله في تلك المدة؛ فلا صلاة عليه، وإن كان قد اشتد به المرض بحيث عجز عن الإيماء، فكان يجب عليه عند الجمهور أن يصلي بحسب استطاعته، وعند الحنفية أن الصلاة تسقط عنه في هذه الحال.

قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ، أَوْمَأَ بِطَرَفِهِ، وَنَوَى بِقَلْبِهِ، وَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَنْهُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصَّلَاةِ تَسْقُطُ عَنْهُ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ ; لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ فِي مَرَضِهِ: الصَّلَاةَ. فَقَالَ: قَدْ كَفَانِي، إنَّمَا الْعَمَلُ فِي الصِّحَّةِ. وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْعَالٌ عَجَزَ عَنْهَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَسَقَطَتْ عَنْهُ; لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا}.

وَلَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ، وَأَنَّهُ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ، فَلَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ، كَالْقَادِرِ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ، وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْإِيمَاءِ، أَشْبَهَ الْأَصْلَ. انتهى.

أما وقد توفى الله أباكم، فنرجو أن يكون معذورا، ولعله كان جاهلا بالحكم، ولا يدل ما ذكر على عدم الخير إن شاء الله.

ولا تلزمكم كفارة ولا غيرها، وإنما تستغفرون وتدعون له؛ فإن هذا من أعظم ما ينتفع به بعد موته -رحمه الله- ولو تصدقتم عنه نفعه ذلك بالإجماع، ولو تقربتم عنه بأي قربة، فوهبتم ثوابها له كصلاة نافلة، أو صيام تطوع، أو قراءة أو غير ذلك، نفعه ذلك في قول الجمهور، وهو ما نفتي به، وانظر الفتوى: 111133.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني