الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النكاح أفضل من التفرغ للعبادة

السؤال

هل الأحسن للفقير أن يتزوج أو يصبر؟
أحيانا أفكر في نفسي، وأقول هو يدخل معركة بدون سلاح، وثقته بنفسه بعد ذلك ستورده المهالك، المتطلبات كثيرة، والبحث عن المال الحلال صعب، وبما أننا خلقنا للعبادة، فلماذا ينغص على نفسه حياته، وبعد ذلك لا يجد راحة البال للعبادة والقراءة، فقط يعمل ليلا ونهارا.
أقصد بالفقير الذي هو بالكاد يقضي أيامه، ولا يدخر شيئا، أليس الأسلم له أن يؤثر السلامة التي لا يعادلها شيء؟
لا أدري لماذا أشغل بالي بالناس، لكن يؤلمني وجود عائلة فقيرة، أو تسأل الناس.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ناقشنا هذه المسألة، وهي زواج الفقير في فتاوى كثيرة، وبينا أقوال العلماء فيها، وحاصلها أن فقره إن كان لا يمنعه القدرة على النفقة؛ فإنه يتزوج، والزواج في حقه مستحب، فإن كان يمنعه القدرة على النفقة: فمن العلماء من قال يحرم عليه الزواج، وهو قول المالكية، إلا أن يخاف العنت أي الزنى، فيُعلم المرأة بحاله وجوبا ويتزوج.

ومن العلماء من قال إن له أن يتزوج -والحال هذه- ويرزقه الله تعالى، وتنظر الفتوى: 384709، والفتوى: 66879.

وكون الإنسان مخلوقا لعبادة الله تعالى، لا يقتضي العزوف عن الزواج، والسعي في تحصيل مؤنته؛ فالزواج والسعي في تحصيل النفقة على الزوجة والعيال؛ من العبادة التي يحبها الله ويرضاها.

فالزواج من سنن الأنبياء والمرسلين، ونصّ بعض الفقهاء على كونه أفضل من التفرغ للعبادة.

قال العيني -رحمه الله-: .. لأن فيه معنى العبادة، فإن النكاح سنة الأنبياء والمرسلين، وفيه تحصيل نصف الدين، وقد تواترت الأخبار والآثار في توعد من رغب عنه، وتحريض من رغب فيه. انتهى من البناية شرح الهداية.

وقال ابن قدامة –رحمه الله- في العمدة: النكاح من سنن المرسلين، وهو أفضل من التخلي منه لنفل العبادة. انتهى.

وفي السنن الكبرى للبيهقي عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- أنه قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوكا فمر بنا شاب نشيط يسوق غنيمة له، فقلنا: لو كان شباب هذا ونشاطه في سبيل الله، كان خيرا له منها، فانتهى قولنا حتى بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما قلتم؟ قلنا: كذا وكذا قال: أما إنه إن كان يسعى على والديه، أو أحدهما فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على عيال يكفيهم، فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه، فهو في سبيل الله عز وجل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني