الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يظهر الشيطان بصورة الناصح للإنسان وهو عدوه

السؤال

الإمام في المسجد الذي أصلي فيه أصبح يتغيّب كثيراً عن صلاة الفجر، ومعظم الوقت أنا أقوم مكانه (بصفتي أحد القليلين الذين يتكلمون العربية).
أنا -والحمد لله-، أحفظ -تقريباً- أول جزء من القرآن الكريم، وأيضاً أحفظ بعض السور، وإن شاء الله سأحفظه كاملاً.
مشكلتي هو أنني في بعض الأحيان أقرأ آيات قمت بحفظها من خلال كثرة قراءتي لها، ولم أكن قرأتها من قبل في أي صلاة بمفردي، وذلك لأني لا أحب أن أكرر الآيات التي قرأتها، خصوصاً بفترات متقاربة، وأخشى أن يكون هذا رياءً.
وكما ذكرت سابقاً، نويت -بإذن الله- أن أحفظ القرآن، لكي أنال الأجر بإذن الله، وليس من أجل إمامة الناس في الصلاة.
أصبحت تأتيني وساوس خلال قراءتي للقرآن، مثل: لماذا لا تحفظ هذه الآيات كي تؤم الناس بها؟ وأيضاً خلال إمامتي للصلاة، مثل: اقرأ هذه الآية، فلم تقرأها من قبل، أو أرهم أنّك تعرف أحكام التجويد... إلخ، وهذا يزعجنني جداً، وأنا أدعو: اللهم أني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم، ولكن أحياناً أشك بأنني أدعوه لكي أقنع نفسي بأنني لست مرائياً والعياذ بالله.
أرجو منكم أن تنصحونني، هل أحاول أن أتجنب إمامة الصلاة؟ مع العلم أنني قد لا أستطيع ذلك، إلا إذا تغيبت عن الصلاة (وقد يكون هذا ما يسعى له الشيطان) أم ماذا؟
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن الشيطان لا يألو جهداً في سبيل إفساد عبادة المسلم بكل وسيلة تمكنه، وفي حديث عثمان بن أبي العاص -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله! إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته، فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك ثلاثاً، قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.

قال النووي في المنهاج: وَمَعْنَى يَلْبِسُهَا أَيْ يَخْلِطُهَا وَيُشَكِّكُنِي فِيهَا وَهُوَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ، وَمَعْنَى حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا أَيْ ‌نَكَّدَنِي ‌فِيهَا وَمَنَعَنِي لَذَّتَهَا وَالْفَرَاغَ لِلْخُشُوعِ فيها. اهـ.

فكن -أيها الأخ الكريم- كعثمان بن أبي العاص استعان بالله تعالى، فأذهب الله عنه ما كان يعانيه ويكابده من الشيطان في صلاته، فاستعذ بالله من وسوسته ولا تلتفت، واستمر في الإمامة وحفظ القرآن، فإنك بهذا تقمع الشيطان وترده خاسئاً، فإنما يريد صدك عن الصلاة، وعن الإمامة وعن حفظ القرآن، ويظهر مع ذلك في صورة الناصح لك، وهو عدوك الذي حذرك منه ربك بقوله: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً (فاطر: من الآية6)، ومن كان له عدو ظاهر العداوة فإنه يحذر منه، ويهجر قوله، ويسعى جهده في مخالفته.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني