الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

البلاء نقمة من وجه ونعمة من وجه آخر

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاما وطالبة بكلية الهندسة قسم مدني بمصر, والحمد لله كنت في مدرسة إسلامية وأحفظ جزءا لا بأس به من القرآن الكريم, ولا تتصور أني كنت مرتبطة بالله تعالى ارتباطاً كلياً وأنا في سن صغيرة وكنت عندما أشتكي, أشتكي لله تعالى وحده فكنت لا أعتمد على أحد إلا الله تعالى, إلى أن بلغت 14
عاما وبدأت في الابتعاد عن الشعور باللذة العظيمة التي كنت أحس بها وأنا بين يديه, نظرا لفترة المراهقة......الخ
والمشكلة الآن أني أعاني من مرض لا أعرف علته وكأن المرض أوشك أن يكون موطني, بدأت مشكلتي عندما حولت من هندسة الأقاليم إلى هندسة الإسكندرية, وعندما بدأت امتحانات الفصل الأول كانت تنتابني أشياء غريبة كنت أشعر أثناء الامتحان أن روحي أوشكت على الخروج مع النبضات في قلبي السريعة ولا أتذكر أي شيء ذاكرته على الإطلاق وكنت أشعر بزغللة شديدة في العينين وأرى الأرقام على غير حقيقتها, وكل امتحان تحدث تلك المشكلة, وبدأت الأمور في التدهور فكنت أصلي وكأني لا أصلي وتشملني المثاءبة طوال الصلاة, والمهم أني رسبت في ذلك العام في السنة القبل فائتة, وكنت عندما أسمع دروسا دينية أو أحفظ قرآنا ينتابني الضيق الشديد في الصدر وكنت بلا مبالغة أحفظ القرآن وأنا أشخط لكي أحفظ, وذهبت لعدة أطباء وأجمعوا على أن عندي خوفاً شديداً وقلقاً شبيها باكتئاب, واستمررت شهورا على العلاج ولا تحسن إلى أن جاء يوم وقال لي الطبيب المعالج أني لا شيء بي وأني أتدلع!! فقررت عدم الذهاب إليه مرة أخرى وبدأت في دائرة أخرى وهي دوامة المعالجين بالقرآن أو المعالجين تحت ذلك الاسم, فأول شيخ طلب نوع بخور معين ومسك لقراءة القرآن عليه, وكنت مرتاحة أثناء العلاج بالقرآن!! ولكني دعوت الله تعالى أن يرشدني لما فيه الخير فحلمت أن أحدا يقول لي أن أقرأ سورة الفلق وسورة لقمان من الآخر للأول, فقطعت ذلك العلاج لعدم غضب الله, وبعدها تعبت أكثر من الأول بمراحل وتدهورت حالتي إلى أني وصلت لمرحلة أريد فيها شنق نفسي ولكن خوفي من الله هو الذي منعني, وطبعا أثناء الضيق الشديد في الصدر والذي من الصعب تحمله, ولم أستطع معالجة نفسي ولم أقدر على المجاهدة العصيبة, وجاء شيخ وهو آخر شيخ جاء لي, وأسمعني شرائط قرآن وطلب مني أن أغمض عيني ورأيت ثعابين ومقابر وسورة العنكبوت.... وطلب مني أقرأ آيات معينة بعد كل صلاة وقبل النوم, ولمدة 3 أسابيع وبعد أن حلل التعب بأنه سحر وحسد, ورأيت في هذه الفترة ما لم أره طوال حياتي, أول يوم تهيأ لي أن أحدا يمسكني من عنقي وفعلا لم أستطع إلا الكلام بصعوبة لمدة 6 ساعات تقريبا, وأتخيل بأشباح في الحمام أو إن كنت بحلم بأشياء لم أحلم بها من قبل وهي عبارة عن رموز: مثل مقابر كثيرة وثعابين وكلب عيونه حمراء وأصلي بطريقة غريبة جدا وأن أحدا يقرأ سورة الفتح علي, وأني أنزل من بيت صديقة لي في منطقة مهجورة نوعا ما وأنا أنزل كانت الأنوار كلها مطفأة وكنت خائفة جدا في
الظلمة وأستعيذ في داخلي وظللت أنزل وأنزل وكانني في متاهة إلى أن نزلت أخيرا ووجدت أحدا شكله فظيع وأخذ يخيفني وظللت أجري إلى أن وصلت لبيتي.
...أو أرى مقابر لا تفارق عيني, وثعابين, وبعد العلاج تعبت وأريد أن أخنق نفسي... والحمد لله منّ الله علي بالشفاء جزئيا, ولكني كلما أذهب لحفظ القرآن (سورة البقرة) تمسكني عبرة البكاء والضيق وأشعر أن الدنيا سوداء أمامي, وأنا إلى الآن لا أشعر بأي لذة للحياة وأنا ما زلت لا أشعر بالصلاة ولا أحس بها أبدا, فدعوت الله تعالى أن يرشدني هل أنا ما زلت مريضة وكل هذا أوهام فرأيت هذه الأحلام:
رأيت أنني جالسة أشاهد القمر ولكن القمر ليس كاملاً ووراء القمر صخرة بنية منتشرة حولها النجوم وكان منظرا بديعا ولكن ما إن قلت لأقا ربي وأدعوهم لمشاهدة المنظر حتى وجدته بعدها اختفى وبعدها شاهدت البحر هائجاً جدا وشاهدت أناسا يركبون مركبة وقمت بعدها ودخلت البحر الغريق وبعد أن بلل الماء جسمي السفلي حتى خفت ورجعت إلى البر.. وبعد المجاهدة بعض الشيء والتكبير وسماع الأذان كثيرا والدعاء شاهدت:
حلمت وأنا أعالج منذ فترة بالقرآن بنفسي وأحاول مجاهدة نفسي أني أرى سيفين عكس بعض كعلم السعودية وهما في السماء وأن أنظر إليهما, وحلم آخر وكأني مصطحبة لاثنين من بنات مسيحيين وأنا لا أعرفهم في الواقع وحلمت, أن خاطباً تقدم لي مع أبيه وأن الخاطب يعمل بحمل الأخشاب أن أباه تاجر أخشاب, ومصممين على الارتباط بي وأنا في الواقع لا أعرفه وشكله مخيف فقلت لأبي قل لهم أني معجبة بأحد آخر لكي يذهبوا... فهلا جزاك الله خيرا تعلمني ماذا أفعل وهل تعتقد أن هذه أوهام فعلا؟؟؟؟ ووالله رغم ما أنا فيه من معاناة قدرني الله تعالى لقراءة سورة البقرة كاملة فأرتاح قليلا ثم لا ألبث أن يأتيني الضيق الشديد في الصدر, وتلك الأيام وصل ذلك الضيق إلى الصدر والرقبة فلا أستطيع وقتها التحدث مع أحد والعجيب بل والمخجل جدا أني وصلت لمرحلة لا أستطيع فيها السيطرة على أعصابي فلا أستحمل أي كلمة من أهلي حتى أمي ولا أشعر حتى بنفسي أني أتحدث بعصبية وعراك كل يوم مع أني من طبيعتي الهدوء ولكن لا أدري ما حدث لي ولا أدري ما بي وهذا هو الذي يحيرني, والذي يتعبني جدا أني شاعرة ببعد عن الله فهو أحب شيء إلى قلبي, ولا تستعجب إن قلت أني لا أميل إلى الجنس الآخر لأن الله هو أحب لي من أي شيء في الوجود وكنت كلما أدعوه أرى قرآنا أو آية تصبرني على ما أنا فيه, ولكن منذ شهر وأنا أدعو الله أن يقول لي هل هو راض عني؟ وهل أنا من الصابرين أم من الضعفاء؟؟؟ ولكن للأسف لم أر أي شيء من شهر. وهذا أكثر من المرض نفسه أتعبني؟ إحساس أني مبتلاة في ديني إحساس فظيع, من أول ما أبدأ الصلاة أقسم بالله أني لا أعلم كم ركعة صليتها؟ ولا أشعر بنفسي غير وأنا في السلام؟ وكنت خاتمة البقرة حفظا وبحفظها مرة ثانية لأنها بالأخص بتعب منها جدا وينتابني البكاء وبدون سبب.
وصراحة أنا لا أشعر أني لا أطيق الحديث مع عائلتي كلما أتعب أو حتى لا أقول لهم إني تعبانة؟ فماذا أفعل إن قلت لك أني أشعر أن الله زعلان مني لعدم التقرب منه كما بالسابق وكله ليس بيدي؟؟؟
ومنذ شهر وبالتحديد في أواخر رجب كانت تنتابني نفس الحالة الهستيرية من بكاء بدون سبب وضيق فظيع في الصدر وتطورت الحالة فشملت الصدر والرقبة وشعرت أني وصلت لمرحلة لم أستطع فيها تحمل ذلك الألم الفظيع وهو فوق طاقتي فكنت أقرأ البقرة كاملة وما ألبث ان أتعب مرة ثانية واتصلت بشيخ موثوق مني لأسأله إن كان يعرف إذا كانت الأعراض تدل على السحر فعلا أم ماذا؟؟ وكنت في نفس الوقت أحتاج لأي أحد أن يأخذ بيدي معنويا لأن الأعراض كانت متشابهة مع أعراض الاكتئاب,المهم طلبت منه مجرد المساعدة تليفونيا فقط وأن أحاول أن أقتل ما بي بمجاهدة نفسي, فنصحني بقراءة البقرة مع وضع وريقات السدر في الماء والاغتسال منها, وجاهدت نفسي وداومت على ذلك وإلى الآن والحمد لله ولكني شعرت مع كثرة شرب الماء المقروء بغممان نفس وبمغص فظيع ونار ما بين صدري ورقبتي, وشعرت إني أعاني من سحر في المعدة وحاولت القيء بكل الطرق ولكن لم يأذن الله بذلك, ولكني من شدة الألم والصداع بت غير قادرة ووجدت نفسي أتصل بالشيخ أبلغه بقدومي لعلي أعلم أو أتأكد مما بي, ولما قرأ علي شعرت بالمثاءبة ووجع في يدي اليمنى واليسرى ووجع في المخ والمعدة ومن الأعراض قال لي إن ما بي هو سحر في المعدة وسحر مخطية عليه وطلب مني الصيام عن الأكل لمدة 6 أيام ما عدا أكل عسل مقروء عليه سورة البقرة وماء وحاولت التقيؤ مرات كثيرة وما زلت أملي في الله أكبر, والمشكلة أني في أثناء الدراسة وكل ما أذهب للكلية تنتابني المثاءبة طول المحاضرة ولا أستطيع الاستذكار أبدا كل ما أمسك شيئا لأذاكر تنتابني الحالة والضيق والبكاء المتواصل والصداع, فهل تنفع المذاكرة وأنا بهذه الحالة؟ وما يصبرني هي آية حلمت بها كهاتف(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) .
وتخيل أني منذ أيام حلمت بقطط صغيرة تعاكسني في رجلي اليمنى وأحاول طردهم ولكن بلا فائدة, وعمتي حلمت أن هناك قملا في شعري ولكنها انتشلت واحدة كبيرة وكان المتبقي في شعري الكثير من الصغار, وبعدها بيوم حلمت كأن رجلا يحاول سحب يدي ...... ولكن الحمد لله حصنت نفسي بالدعاء فلم أشاهد مثل ذلك الحلم المخيف, وأنا لا أخافهم بل أخاف الله, ومشكلتي الآن في الذكر أحس كأن الذكر حمل ثقيل على قلبي ولساني؟؟؟ ودعواتكم.
سأنتظر الرد لأني أشعر أني على حافة الهاوية... وأدعو الله لي أن يصرف عني البلاء وبدون الاستعانة بغيره, أو أن يريحني من الحياة ما كانت خيراً لي من محياي, أشعر أني أموت كل يوم ولا يشعر بي أحد غير الله تعالى, والله أنا راضية بقضاء الله وأكلمه كل يوم وأنظر إلى السماء وأبكي, فأدعو الله ألا يطيل
علي لأني أحبه, ولا أقول هذا الكلام سخطا لا والله بل أقوله لأني وصلت لمرحلة لا أستطيع تحملها, ولا أحدشاعر بي إلا الله, , وما تفسير تلك الأحلام وماذا تدل وهل سأحاسب على الصلاة التي لا أشعر بها وهل أنا ضعيفة في ديني وماذا ترى؟ أنا من كثرة الوسوسة لا أستطيع الحكم على نفسي وجزاك الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يكشف ما بك من ضر، وأن ييسر لك عاجل الشفاء، ثم اعلمي أيتها الأخت المسلمة أن ما أصابك ابتلاء من الله تعالى، والبلاء وإن كان نقمة فهو من وجه آخر نعمة للمؤمن، يكفر الله عز وجل به من سيئاته، ويرفع به درجاته، روى أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في جسده وفي ماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. بل قد يكون البلاء دليلاً على محبة الله لعبده المؤمن، روى الترمذي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط له السخط. فثقي بالله تعالى واصبري على أقداره، ولا تستسلمي لأي نوع من الوساوس والأوهام في كون ذلك دليلاً على عدم رضا الله عنك ونحو ذلك.

وإن ما أصابك قد يكون نتيجة لضغوط نفسية أدت إلى نوع من الاكتئاب، لذا فإننا نرى أن تراجعي أحد الأطباء الثقات في دينهم ومن له خبرة في الطب النفسي فلعله أن يعينك في العلاج بإذن الله تعالى، وقد يكون ذلك بسبب السحر أو العين أو الحسد، لذلك لا تتوقفي عن القراءة على نفسك والإكثار من ذكر الله تعالى، ولاسيما في الصباح والمساء بالإضافة إلى التضرع إلى الله تعالى بدعائه ليكشف عنك هذا السوء، ولا بأس أن تستعيني في الرقية الشرعية بمن هو من أهل الاستقامة والصلاح، وبمن عرف بسلامة المعتقد واتباع السنة، بشرط وجود أحد محارمك، وكوني على حذر من إتيان الدجاجلة والمشعوذين، وراجعي لمزيد من الفائدة هاتين الفتويين: 1858/ 19229.

وننبهك إلى الحذر من اتهام أحد من الناس بكونه السبب فيما أصابك دون بينة، وذلك لأن الأصل براءة الذمة. وبخصوص الأحلام فلا يلزم أن تكون دليلاً على وجود شيء من السحر أو العين، وذلك لأنها قد تكون مجرد حديث نفس بسبب ما تجدين في نفسك من وساوس، وأما ما يحدث من ذهاب للخشوع في الصلاة فلا يؤثر في صحة الصلاة إن شاء الله تعالى.

وننصحك بالكتابة إلى قسم الاستشارات النفسية في الشبكة الإسلامية فهم أكثر تخصصاً في هذا المجال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني