الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الزوجة العودة لبلد الغربة مع زوجها بسبب الضرر

السؤال

أنا متزوجة منذ 5 سنوات، سافرت مع زوجي مباشرة بعد الزواج إلى بلد إفريقي؛ لأنه يعمل هناك، وكانت هناك الصدمة؛ فالبلد من أفقر الدول في العالم -الماء والكهرباء ينقطعان دائمًا، والمنظومة الصحية شبه منعدمة، والمعيشة مكلفة-، فصبرت على هذا الوضع رغم أنه لم يكن سهلًا -غربة، وعدم خروج من المنزل إلا يوم الأحد مع زوجي-، مع العلم أني مهندسة في الإعلام، وتخرّجت قبل شهر من الزواج.
حملت بعد 8 أشهر، عندما ذهبنا إلى طبيب النساء هناك، نصحني بالعودة إلى بلدي؛ لعدم وجود الرعاية الصحية، وبعد شهرين ونصف رجعت إلى بلدي، وعاد زوجي للعمل.
مكثت في بيت أبي حتى الولادة، وبعد الولادة انتقل زوجي للعمل في بلد إفريقي آخر؛ رغم عدم موافقتي على عمله هناك، ثم أقنعني بالسفر معه، وأخبرني أن الظروف أحسن، والبلد أحسن، فسافرت، وكان عمر ابني 9 أشهر في ذلك الحين، وكان البلد أحسن من البلد الأول في الحقيقة، ولكن ظروف زوجي المادية لم تكن جيدة، ولم تكن كما وعدني، وصبرت سنتين على أمل تحسن الظروف، ولم يتغير شيء.
وفي أواخر السنتين، في الأشهر الخمسة الأخيرة تحديدًا، جاءت الكورونا، وظللت 5 أشهر في المنزل لا أخرج منه، ولا أرى أحدًا، ولا أنام، وابني عمره سنتان ونصف ويريد الخروج واللعب، فتعبت نفسيًّا.
وعندما فتحت المطارات عدت لبلدي، وبقيت في بلدي عشرة أشهر، وأحسست بالاستقرار، وتحسّنت نفسيتي، وتحسن ابني في التواصل والنطق، وسافر زوجي للعمل، وأخبرني أنه سيكمل السنة القادمة في العمل بالخارج، وسوف يعود ونستقر في بلدنا.
وأخبرني الآن أنه جاءه عرض مُغرٍ للعمل، وستكون الظروف أحسن، ويريدني أن أعود معه، وأخبرني أن العمل في بلادنا صعب، مع العلم أن لديه مشروعًا دخله يغطّي حاجياتنا المادية، وعندما تقدّم للزواج بي كان يعمل في بلدنا، وعندما جاءته فرصة للعمل بالخارج، قبلت لتحسين الظروف.
رفضت العودة معه، وأريد أن نستقر معًا في بلدنا؛ لأننا في حاجة له، ولست مستعدة للبقاء مع ابني في بلدي وحدنا وزوجي في بلد آخر.
ومن أسباب رفض العودة أيضًا أن في هذا البلد الأفريقي مرضًا يدعى الملاريا، أصبت به ثلاث مرات، وأصيب ابني به مرة، وابني في بلدي هنا تمكّن من اللغة العربية، ولغتهم هناك الفرنسية، فما حكم رفض العودة مع زوجي؟ وما حكم عدم قبول زوجي الاستقرار في بلدنا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد نص الفقهاء على أن الزوجة تقيم حيث يقيم زوجها، وأنها ليس لها الامتناع عن الانتقال معه إذا رغب في ذلك، إلا لمسوغ شرعي، وقد نقلنا كلامهم بهذا الخصوص في الفتوى: 72117. هذا هو الأصل.

وإذا رغبت في أن يقيم زوجك ويترك السفر لبلاد الغربة، فحاولي إقناعه، وليكن بينكما تفاهم من منطلق المصلحة.

فإن تيسر التوافق، فالحمد لله.

وإن حدث خلاف، فالأولى رفع الأمر للقضاء؛ لينظر القاضي في الضرر الذي يمكن أن يلحقك بالسفر مع زوجك، ويقيّم هذا الضرر، ويحكم وفقًا لذلك، جاء في فتوى لدار الإفتاء المصرية: سفر الزوج بزوجته مسألة يتوقف الحكم فيها على ما ترجّح للقاضي مِن وجه المصلحة فيها، وتحققه من انتفاء المضارة للزوجة، كما أن ذلك يعتمد أيضًا على العُرف الجاري، والضرورة القائمة، وطبيعة عمل الزوج، وعلى مدى فساد الزمان أو صلاحه، بحيث تأمن الزوجة في السفر، وفي الإقامة في البلد التي يطلبها الزوج فيها، ولا بد أن يكون الزوج مأمونًا على الزوجة في نفسها ومالها، وأن يكون المسكن المراد نقلُها إليه مستوفيًا لشرائط المسكن الشرعي للزوجة؛ بأن يكون مستقلًّا، خاليًا من سكنى الغير، بين جيران صالحين. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني