الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأثم الزوج بإجبار الزوجة على السكن مع أخته؟

السؤال

أنا متزوجة منذ سنة ونصف، ولي منه طفل في شهوره الأولى، وزوجي طيب معي، ويحبني، ويعاملني معاملة جيدة -ولله الحمد-.
مشكلتي هي أن لزوجي أختًا مطلقة، ولديها بنت عمرها عشر سنين، وأخت زوجي سوف تأتي قريبًا للعيش في بلدي؛ حتى تبقى بجِوار أخيها الذي هو زوجي؛ لأنه من ينفق عليها وعلى ابنتها منذ طلاقها، وسوف تعيش معي في شقّتي المكونة من غرفتي نوم وصالة، ومطبخ وحمام، على أن أكون أنا في غرفة، وهي وابنتها في غرفة، وبقية المنزل مشترك بيننا، فرفضت الأمر، وأخبرت زوجي أن من حقّي أن يكون لي منزل مستقل؛ حتى لا تطّلع أخته على أسراري، وتتدخل في شؤوني، لكن زوجي يرفض أن تسكن أخته في شقة مستقلة؛ لأنها -حسب قوله- ستكون غريبة في هذا البلد، ولأنه -حسب تقاليده- سوف يكون أقل رجولة إن ترك أخته بمفردها في بلد غريب، وقال أيضًا: إنه يعرف أن ذلك من حقّي، ولكنه لن يترك أخته بمفردها، كما أنه لا يريد أن يتركني.
تناقشنا في الموضوع كثيرًا دون جدوى، ووصل به الأمر إلى أن يخيرني بين الطلاق أو الصبر على العيش مع أخته حتى تتزوج، ونحن حاليًّا لا ندري إذا كان سوف يتقدم لخطبتها أحد أم لا.
زوجي علاقته قوية بأخته هذه؛ لأنها كانت تعتني به بشكل كامل عندما كان مريضًا وطريح الفراش إلى أن تعافى تمامًا -ولله الحمد-.
أنا لا أريد أن تتشتت أسرتي، ولا أريد أن يعيش ابني دون أبيه، ولا أريد أن أترك زوجي، فهو رجل طيب.
أنا أتوقع أنني سوف أصبر على الأمر، علمًا أنني صليت صلاة الاستخارة فيما إن كان مجيء أخته عندنا خيرًا لي، فهل يأثم زوجي إن أجبرني على العيش مع أخته وابنتها؟ وما عقوبته عند الله؟ وهل يبطل زواجي، إن لم يعطني حقّي في السكن؟ علمًا أنه لم يعطني بقية مهري المؤخر؛ بسبب ضائقة مالية نعيشها حاليًّا، وزيادة على ذلك فأنا أساعده في مصاريف البيت. وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن من حقّ الزوجة أن تستقلّ بمنزل عن أقاربه، كأخته.

ومن حق الزوجة أن تمتنع من السكن مع أقارب الزوج، كما بيناه في الفتوى: 389401، والفتوى: 401314، ولكن لا يبطل الزواج بمنع الزوج زوجته حقّها في مسكن مستقل.

والزوجة والأخت كلاهما يستحق البِرّ والإحسان، ويؤجر زوجك -إن شاء الله تعالى- على إحسانه لأخته، ونفقته عليها، وهذا من صلة الرحم، التي هي من أعظم القربات، ولكن السكن المستقل من جملة النفقة الواجبة على الزوج لزوجته.

وفي باب النفقة؛ فإن نفقة الزوجة مقدّمة على نفقة الأخت، عند تعذّر الجمع بينهما؛ فنفقة الزوجة واجبة، والنفقة على الأخت مستحبة، وحتى من أوجب النفقة على الأخت بشروط، فإن نفقة الزوجة مقدّمة عندهم على نفقة الأخت، وانظري الفتوى: 201271 عن الأخت والزوجة أيتهما أحق بالبرّ والنفقة.

وأما هل يأثم بإجبارك على السكن مع أخته؟

فالجواب: نعم، يأثم؛ لأنه منعك ما هو حقّك، إلا أن يكون خيّرك بين البقاء معها أو الطلاق؛ فينتفي عنه الإثم، إن اخترتِ الطلاق أو البقاء معها.

ومتى كان آثمًا بإجبارك على السكن معها؛ فإنه لا يمكن العلم هل الله سيعاقبه -فضلًا عن كيف سيكون عقابه-، فقد يعفو الله عنه، أو يغفر له بأي سبب من أسباب المغفرة.

والذي نوصيك به -أيتها الأخت السائلة ابتداء- هو: الصبر، وإعانة زوجك على صلة أخته، فربما تسكن معك، وتستقيم الحياة بينكما من غير منغّصات.

ثم إن سكنت، وظهر لك تعذّر السكن معها، فأنت بالخيار: إن شئت الصبر، وإن شئت، فارفعي الأمر إلى المحكمة الشرعية.

وبخصوص مؤخر الصداق ومتى تستحقه الزوجة، فانظري الفتوى: 141146.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني