الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطر النظر للمشاهد المثيرة للشهوة

السؤال

أنا متزوجة، وبسبب سفر زوجي أحيانا أشاهد مشاهد مثيرة، وأتخيل مثلها للوصول للنشوة، وذلك وقت الدورة الشهرية فقط.
هل هذا حرام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجوز لك مشاهدة المشاهد التي تثير شهوتك؛ فقد أمر الشرع بغض البصر عن النظر إلى الحرام، وحفظ الخواطر المحرمة وعدم الاسترسال فيها، قال تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور:30}.

وروى البخاري ومسلم -واللفظ لمسلم- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.

قال النووي -رحمه الله- في شرحه على مسلم: معنى الحديث أن بن آدم قُدِّر عليه نصيب من الزنى. فمنهم من يكون زناه حقيقيا بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام، أو الاستماع إلى الزنى، وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد، بأن يمس أجنبية بيده، أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنى، أو النظر، أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية، ونحو ذلك، أو بالفكر بالقلب.

فكل هذه أنواع من الزنى المجازي.

والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه. معناه أنه قد يحقق الزنى بالفرج، وقد لا يحققه بأن لا يولج الفرج في الفرج، وإن قارب ذلك. والله أعلم. اهـ.

وهذا من باب منع الوسائل إلى الحرام، وسد أبواب الذريعة إلى الفتنة، وإليها أشار الرب -تبارك وتعالى- في نهيه عن قربان الزنا، كما في قوله عز وجل: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.

وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه. اهـ.

ونوصيك في الختام بشغل نفسك بما ينفعها من أمر دينها ودنياها، والحرص على الارتباط بالنساء الصالحات؛ ليكن عونا لك على الخير بالذكرى عند النسيان، والإعانة عند الذكر. واحرصي أيضا على اجتناب كل ما يثير الشهوة، والعمل بما يضادها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني