الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جعل البغض للفجار والكفرة ومحله قلوب الصالحين

السؤال

أود أن أستعلم عن إشكال عندي. فقد قرأت أنه كلما زاد العبد المعاصي؛ قَلَّت قيمته في قلوب الناس وهان عليهم. فكيف نجمع بين ذلك وبين تعظيم أشخاص وحبهم جدا لأناس كافرين أو عصاة؟
كيف ذلك الحب، والله يرفع حب الناس للشخص إذا كان من العصاة المقيمين على المعصية؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن تعظيم بعض الناس ومحبتهم للكفرة والفجرة لا يعارض ما جاء في النصوص من أن أهل العصيان والفجور يعاقبون بأن تُجعل لهم البغضاء والنفور في القلوب، فإن محل ذلك البغض هو القلوب السليمة -قلوب أولياء الله الصالحين-، وليس قلوب أهل الفجور من الرعاع أتباع كل ناعق.

ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض.

قال ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح: (ثم يوضع له البغضاء في الأرض) من أهل الخير وأهل الصلاح، فلا يحبه منهم من يعلم حاله. اهـ.

وقال القرطبي في المفهم في شرح صحيح مسلم: و(قوله: ثم يوضع له القبول في الأرض) يعني بالقبول: محبة قلوب أهل الدين والخير له، والرضا به، والسرور بلقائه، واستطابة ذكره في حال غيبته، كما أجرى الله تعالى عادته بذلك في حق الصالحين من سلف هذه الأمة، ومشاهير الأئمة. والقول في البغض على النقيض من القول في الحب. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني