الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التصدق بنية أن يسخر الله للمتصدق بعد موته من يتصدق عنه

السؤال

هل يصح أن أتصدق عن كل من يصلني أنه مات. وتكون نية التصدق بأن يُسخر الله لي بعد موتي من يتصدق عني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم نطلع على كلام لأحد من أهل العلم بخصوص هذه النية: (التصدق بنية أن يسخر الله للمتصدق بعد موته من يتصدق عنه). ولكن هذا يمكن دخوله في عموم الحديث النبوي: والله في ‌عون ‌العبد، ‌ما كان العبد في عون أخيه. والقاعدة الكلية: الجزاء من جنس العمل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في الفتاوى الكبرى-: الجزاء أبدا ‌من ‌جنس ‌العمل، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء» . وقال: «من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهَّل له الله به طريقا إلى الجنة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في ‌عون ‌العبد ‌ما كان العبد في عون أخيه» ... وأمثال هذا كثير في الكتاب والسنة. اهـ.
وقال ابن القيم في «جلاء الأفهام»: وهذا موافق للقاعدة المستقرة في الشريعة أن الجزاء ‌من ‌جنس ‌العمل، فصلاة الله على المصلي على رسوله، جزاء لصلاته هو عليه ... فصح ارتباط الجزاء بالعمل ومشاكلته له ومناسبته له، كقوله: "من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في ‌عون ‌العبد ‌ما كان العبد في عون أخيه" .. اهـ.
وقد يكون إطلاق النية عن عموم المسلمين أنفع للسائل من تخصيصها بميت معين.

فقد نقل ابن عابدين في حاشيته عن المحيط: الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ‌ينوي ‌لجميع ‌المؤمنين ‌والمؤمنات؛ لأنها تصل إليهم. ولا يُنقص من أجره شيء. اهـ.
وقال الإمام الشافعي في كتاب الأم: مع أن الله -عز ذكره- واسع لأن يوفي الحي أجره، ويدخل على الميت منفعته، وكذلك كلما تطوع رجل عن رجل صدقة تطوع. اهـ.

وانظر للفائدة، الفتويين: 185037، 305350.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني