الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم استعمال المركبة قبل ترخيصها والامتناع عن دفع رسوم الترخيص

السؤال

والدي لديه دراجة نارية، ولكنه لا يدفع ترخيصها، والترخيص حسب علمي هو مبلغ يدفع للحكومة سنويا، أو بشكل دوري عموما. فهل هو من الضرائب التي يمكن عدم دفعها؟ وهل قيادتي لدراجة أبي -رغم أن عليها فلوسا- أأثم عليه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد تضمن سؤلك أمرين نبدأ بآخرهما وهو استعمالك لدراجة أبيك مع أنه لا يدفع رسوم ترخيصها -كما ذكرت-.

والجواب عنه: أنه لا يحرم عليك استعمالها من هذه الجهة، وإنما ينظر فيها إن كان استعمالها قد يؤدي إلى محاذير أخرى كفرض عقوبات مالية، أو غيرها حسب المعمول به، وهو يختلف من دولة إلى أخرى.

ولهذا لا ننصح باستعمالها إن كان ذلك قد تترتب عليه مساءلة أو عقوبة ما، فالمسلم منهي شرعا أن يعرض نفسه للأذى والضرر، أو يعرض ماله للضياع والهلاك، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قالوا: وما إذلاله لنفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق. رواه أحمد. وقال أيضا -صلى الله عليه وسلم-: إن الله كره لكم ثلاثا: قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال. متفق عليه.

والأمر الثاني الذي تضمنه سؤلك كان حول الرسوم التي تفرض على ترخيص الدراجة، وهل هي من الضرائب أو لا؟

والجواب: أن ما تأخذه الدولة لإصدار تراخيص البناء والمركبات: سيارات أو دراجات ونحوها يدخل ضمن الضرائب، وقد بينا في فتاوى سابقة الضوابط التي يجوز للدولة معها فرض ضرائب، وهي أنه إذا كانت موارد الدولة العامة لا تفي بحاجة الأمة، ومصالح الناس، وكانت تأخذ الضرائب لسد تلك الحاجة، والقيام بتلك المصالح، فلا حرج فيها، ولا يجوز التهرب منها؛ لأن تحصيل تلك الضرائب مما تقتضيه المصلحة العامة التي لا بد للجميع من التعاون عليها، والالتزام بما يحققها.

قال ابن عابدين في حاشيته عن أبي جعفر البلخي: ما يضربه السلطان على الرعية مصلحة لهم يصير دينا واجبا، وحقا مستحقا كالخراج، وقال مشايخنا: وكل ما يضربه الإمام عليهم لمصلحة لهم، فالجواب هكذا. انتهى.

وعلى فرض كون تلك الرسوم من هذا القبيل الذي يشرع لكونها تؤخذ بوجه حق، وتصرف في وجوه الحق، ويلزم دفعها؛ فانصح أباك بحكمة ولطف لدفعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني