الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صدقة السِّر وصدقة العلانية

السؤال

أستعين بشخص ثقة في توزيع الزكاة، والصدقات على محتاجين يعرفهم. ومنهم من يعرف أن هذه العطايا منه هو، ويأخذ وابلا من الدعاء منهم. أنا لم أطلب منه أن يخبرهم أن هذه العطايا مني أنا، حرصا على صدقة السر، ولكن هذا الشخص وبعض المحتاجين القريبين منه، يعلمون أني من وراء هذا العمل.
فهل صدقاتي هذه تكون في حكم السر أو العلانية؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فتؤجر -إن شاء الله تعالى- على صدقتك، سواء علم الناس أنك المتصدق، أو ظنوا أن وكيلك هو المتصدق، وسواء دعوا لك أم دعوا لوكيلك، فلك أجر الصدقة وبركتها -إن شاء الله تعالى-.

وأما هل صدقتُكَ صدقةُ سر أم صدقةُ علانية؟ فما دام أن بعض الناس قد علموا أنك صاحب الصدقة، فقد خرجت عن حد صدقة السر إلى صدقة العلانية؛ لأن صدقة السر لا يعلم بها الناس، وإنما يعلمها الله.

جاء في التَّنوير شَرْح الجَامِع الصَّغِيرِ في شرح حديث: عليكم بصدقة السر: (وعليكم بصدقة السر) التي لا يطلع عليها إلا الله تعالى. اهــ.

وقد بوَّب البخاري في صحيحه بابًا، فقال: باب صَدَقَةِ السِّرِّ. ثم ذكر فيه حديث أَبي هُرَيْرَةَ: وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا ....
قال في عمدة القاري: مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن قَوْله: (فأخفاها) أَي: الصَّدَقَة، وَهِي صَدَقَة السِّرّ. اهـ.

ولا يضرك خروج صدقتك عن حد السر إلى حد العلانية -إن شاء الله تعالى-، ما دمت تبتغي بها وجه الله، بل ذهب جمهور الفقهاء إلى أن إعلان صدقة الفريضة -كالزكاة- أفضل من الإسرار بها، وأن الآية التي جاءت في تفضيل صدقة السر، وهي قول الله تعالى: إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ. [البقرة: 271] نزلت في صدقة التطوع لا الفريضة.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. وَنَقَلَ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِعْلَانَ فِي صَدَقَةِ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنَ الْإِخْفَاءِ، وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ. اهــ.

وانظر لمزيد من الفائدة، الفتوى: 258112. في المفاضلة بين صدقة السر والعلن.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني