الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعمد ترك السلام في الصلاة عند الأحناف.. الحكم.. والواجب

السؤال

هل تبطل صلاة من ترك التسليم عمدا، عند الحنفية؟
أسألكم هذا السؤال؛ لأني قرأت حديث ابن مسعود الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قلت هذا، أو قضيت هذا -أي التشهد- فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم، فقم، وإن شئت أن تقعد، فاقعد.
أجيبوني مشكورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالسلام من واجبات الصلاة عند الحنفية، وليس ركنا، كما هوعند الجمهور.

جاء في رد المحتار على الدر المختار، وهو يعدد واجبات الصلاة: (وَلَفْظُ السَّلَامِ) مَرَّتَيْنِ، فَالثَّانِي وَاجِبٌ عَلَى الْأَصَحِّ ... دُونَ عَلَيْكُمْ؛ وَتَنْقَضِي قُدْوَةً بِالْأَوَّلِ قَبْلَ عَلَيْكُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ. انتهى.

والظاهر من كلامهم أن تعمد ترك السلام لا يبطل الصلاة، إلا أنهم مع ذلك يوجبون إعادتها، تغليظا على من تعمد ترك الواجب.

جاء في مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح -وهو من كتبهم-: "وإن كان تركه" الواجب "عمدا أثم، ووجب" عليه "إعادة الصلاة" تغليظا عليه "لجبر نقصها" فتكون مكملة، وسقط الفرض بالأولى، وقيل تكون الثانية فرضا، فهي المسقطة. انتهى.
ودليلهم على عدم الركنية: الحديث الذي ذكرته. ولفظه عند أبي داود: قال: أخذ علقمة بيدي، فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله، فعلمه التشهد في الصلاة، فذكر مثل دعاء حديث الأعمش: إذا قلت هذا، أو قضيت هذا؛ فقد قضيت صلاتك. إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد. اهـ باختصار.

قال الشيخ الألباني معلقا عليه: شاذّ بزيادة: " إذا قلت:.... " والصواب أنه من قول ابن مسعود موقوفا عليه. اهـ.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وأما حديث ابن مسعود، فقال البيهقي في الخلافيات: إنه كالشاذ من قول عبد الله، وإنما جعله كالشاذ؛ لأن أكثر أصحاب الحسن بن الحر لم يذكروا هذه الزيادة، لا من قول ابن مسعود مفصولة من الحديث، ولا مدرجة في آخره، وإنما رواه بهذه الزيادة عبد الرحمن بن ثابت عن الحسن، فجعلها من قول ابن مسعود وزهير بن معاوية عن الحسن، فأدرجها في آخر الحديث في قول أكثر الرواة عنه. ورواها شبابة بن سوار عنه مفصولة، كما ذكر الدارقطني.
وقد روى البيهقي من طريق أبي الأحوص عن ابن مسعود ما يخالف هذه الزيادة، بلفظ « مفتاح الصلاة التكبير، وانقضاؤها التسليم إذا سلم الإمام، فقم إن شئت» قال: وهذا الأثر صحيح عن ابن مسعود.

قال البيهقي: إن تعليم النبي -صلى الله عليه وسلم- التشهد لابن مسعود كان قبل فرض التسليم، ثم فرض بعد ذلك.

وقال النووي في الخلاصة: اتفق الحفاظ على أنها مدرجة. انتهى. اهـ.

وجاء في شرح سنن أبي دواد للعيني -الحنفي- معلّقا: أن هذا يُنافي فرضية السلام في الصلاة؛ لأنه- عليه السلام- خير المصلي بعد القعود بقوله: إن شئت أن تقوم، وإن شئت أن تقعد. اهـ.

وتراجع للفائدة، الفتوى: 235957

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني