الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع اللوحات المرسوم عليها مناظر طبيعية أو كُتِب عليها ذِكْرٌ لله

السؤال

ما حكم بيع لوحات الرسم التي تتكون من مناظر طبيعية، أو كتابات مثل: حسبنا الله ونعم الوكيل، أو لا إله إلا الله. فهل يجوز بيعها؟
فقد قرأت: قال الإمام الشافعي: وكل ما لا منفعة فيه لا يجوز بيعه ولا شراؤه، وثمنه من أكل المال بالباطل.
وقال الإمام الشوكاني: وجه عدم جواز بيع ما لا نفع فيه مطلقًا، هو كونه من أكل أموال الناس بالباطل، ومن إضاعة المال.
وهل هناك حديث أو دليل على أن بيع لوحات الرسم التي لا تحتوي على أرواح لا يجوز بيعها، فأنا أود بيعها بأثمان باهظة؛ لأنها هكذا تباع؟
فهل أنا آثمة؟
وإن كان بيعها حراما. فهل يجوز بيع اللوحات التي تحتوي على: حسبنا الله ونعم الوكيل، ونحو ذلك؟ وان كان حراما. فكيف يجوز شراء المشروبات الغازية، والأطعمة التي تشترى للتحلية؟ فهل في هذا أيضا تبذير؟
وهل لا يجوز شراء ديكورات المنزل؟ هل كل هذا من باب التبذير أو لا؟
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلفظ الإمام الشافعي في كتاب الأم: كل ما لا ‌منفعة فيه -من وحش: مثل الحدأة والرخمة والبغاثة، وما لا يصيد من الطير الذي لا يؤكل لحمه، ومثل: اللحكة والقطا والخنافس، وما أشبه هذا- فأرى -والله تعالى أعلم- أن لا يجوز شراؤه، ولا ‌بيعه بدين ولا غيره ...

وكذلك الفأر والجرذان والوزغان؛ لأنه لا معنى للمنفعة فيه حيًّا، ولا مذبوحًا، ولا ميتًا، فإذا اشترى هذا أشبه أن يكون أكل ‌المال ‌بالباطل، وقد نهى الله -عز وجل- عن أكل ‌المال ‌بالباطل؛ لأنه إنما أجيز للمسلمين بيع ما انتفعوا به مأكولا، أو مستمتعا به في حياته لمنفعة تقع موقعًا، ولا ‌منفعة في هذا تقع موقعًا. اهـ.

ومراد الإمام الشافعي بهذا هو إفساد بيع ما لا منفعة فيه، أو اشترط المنفعة في المبيع ليصح البيع. وهذا ما اصطلح عليه الفقهاء في شروط المبيع: بأن يكون المبيع مالًا، أو متمولًا.

والمال كما عرفه ابن قدامة في «المقنع»: هو ما فيه ‌منفعة ‌مباحة، ‌لغير ‌ضرورة. اهـ.

قال ابن مفلح في شرح المقنع: أخرج بالأول: ما لا نفع فيه كالحشرات، وبالثاني: ما فيه منفعة محرمة كالخمر، وبالثالث: ما فيه منفعة مباحة للضرورة كالكلب. اهـ.

وقد قال الشافعي نفسه في «الأم»: لا يقع اسم مال إلا على ما له قيمة يتبايع بها، ويكون إذا استهلكها مستهلك أدى قيمتها وإن قلت، وما لا ‌يطرحه ‌الناس ‌من ‌أموالهم مثل الفلس وما يشبه ذلك. اهـ.

واللوحات المباحة - كالتي ذكرتها السائلة- يصدق عليها اسم المال أو التمَوُّل، فلا حرج في بيعها بما يتراضى عليه البيِّعان، قَلَّ أو كَثُر.

ولا نعلم حديثًا أو دليلًا على حرمة بيع تصاوير غير ذوات الروح، بل قد ثبت ما يدل على جوازه. فروى البخاري ومسلم: أن ابن عباس -رضي الله عنهما- أتاه رجل فقال: يا أبا عباس، إني إنسان إنما معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير، فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سمعته يقول: «من صور صورة، فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبدا» فربا الرجل ربوة شديدة، واصفر وجهه، فقال: "ويحك، إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذا الشجر، كل شيء ليس فيه روح".

وبيع وشراء المشروبات والحلوى، وكذا زينة المنزل المباحة: لا حرج فيه، طالما خلا من الضرر، والترف الزائد الذي يخرج عن حد الاعتدال في الإنفاق الذي يليق بصاحبه غِنًى وفقرًا.

وراجعي في ذلك، الفتاوى: 17775، 340846، 19064، 194707.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني