الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحرم ما تبقى من المال بعد دفع رشوة منه؟

السؤال

عندي أموال حلال، لكنني استعملت فيها دفع مبلغ من المال رشوة، فما حكم هذا المال؟ وهل أصبح حراما عليَّ بعد دفع هذه الرشوة؟ وهل أتخلص منه؟ وما يحيرني هو اختلاف العلماء في مسألة الرشوة، فمنهم من قال تجوز في حالات، ومنهم من قال حرام قطعًا، يعني أنها تصبح شبهة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال في حديثه الشريف: الحلال بَيِّن، والحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات، فاتقوا المشتبهات- فكيف أخرج من هذه الشبهة إلى اليقين؟ وهل يكون بالتخلص من هذه الأموال؟ أفيدوني مأجورين.
وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالرشوة المحرمة هي ما يُعطى لدفع حق، أو لتحصيل باطل، وأما ما يُعطى لدفع ظلم، أو تحصيل حق، فلا يحرم على المعطي، وإنما يحرم على الآخذ، وراجع في ذلك الفتويين: 17929، 307339.

وقول السائل: استعملت فيها دفع مبلغ من المال رشوة؛ لم نستطع أن نجزم بمراده به، مع وصفه لأمواله بكونها حلالا! فإن كان يريد بذلك أن طريقة كسبه للمال مباحة في ذاتها، ولكنه دفع رشوة ليتوصل بها إلى هذه الطريقة المباحة في كسب ماله، فالمال مباح في ذاته، لكونه مكتسبا بطريقة مباحة، وأما الرشوة: فيرجع في تفصيل حكمها لما صدرنا به الفتوى.

وأما مسألة الخروج من الشبهة، فيكون بتجنب دفع الرشوة، وإن كان في دفعها رخصة، وأما المال الحلال المكتسب بالطرق المباحة، إذا توسل صاحبه في كسبه المباح بدفع رشوة، فلا يتخلص منه بالصدقة على سبيل الورع، إلا من كان ذلك لائقا بحاله إجمالا، فإن التدقيق في التوقف عن الشبهات، إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها، وتشابهت أعماله في التقوى، كما قال الحافظ ابن رجب، وراجع في ذلك الفتاوى: 383350، 442336، 314395.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني