الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

نشأت منذ الصغر مع أمي وزوجها، قام زوجها بتربيتي منذ سن سنتين حتى أصبح عمري 26 سنة، وكان أبًا بالنسبة لي، وبعد 8 سنوات من زواجه بأمي، رزقه الله ببنت، وبعدها بسنتين رزقه الله بولد، وكلاهما من أمي، وكان ينفق عليَّ مصاريف كثيرة، جزاه الله خيراً. والآن توفي -رحمه الله وغفر له-، بعد صراع مع مرض السرطان.
منذ يومين أخبرتني أمي بوجود علبة برشام باقية من صرف التأمين له، وقد حاول بيعها قبل وفاته، ولكن لم يستطع، فأخبرتني أنها حاولت إعادتها للمستشفى، ولكنهم رفضوا، فأصبحت ملكًا لنا بعد وفاته، فقمت ببيعها بناء على طلب أمي وإخوتي. فهل المال يعتبر مال ورثه أم لا؟ وهل يجوز أخذ شيء منه لنفسي؟ مع العلم أني قمت بتوزيعه كاملاً على أمي وأختي وأخي كما أمر الشرع، ثم تنازلت لي أمي عن نصيبها، وأخي وأختي أعطياني مبلغًا من نصيبهما وذلك برضاهما التام، وقد حلفتهما على أنه برضاهما؛ كي يطمئن قلبي، وحلفا أنه برضاهما، ولكن عندي شك في مال إخوتي؛ لأن أخي عمره 16 سنة، وأختي 18 سنة. فهل أستطيع صرف المال أم لا؟ لأني لا أستطيع صرفه قبل التأكد من أنه حلال أم لا من ناحية الشرع فقط وليس القانون؛ لأني سمعت أن القاصر في الإسلام يكون تحت سن 15 سنة، بعكس القانون أعتقد، وسعر بيع العلاج 85 ألف جنيه، وقد تنازلت لي أمي عن نصيبها 10 آلف، وأخي 5 آلاف، وأختي 5 آلاف. فهل يجوز لي صرف ما وهبوه لي؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكل ما كان ملكًا للمورث، فإنه يدخل في تركته بعد موته، ويشترك فيه جميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية.

وأما بخصوص هبة إخوتك لك شيئًا من نصيبهم، فإن الهبة تصح من البالغ، وأما من كان دون البلوغ فلا تصح هبته.

قال المرداوي في «الإنصاف»: المحجور عليه لحظه -وهو الصبي، والمجنون، والسفيه- فلا يصح تصرفهم قبل الإذن. وهذا المذهب في الجملة وعليه الأصحاب. وظاهره: إن هبة الصبي لا تصح ولو كان مميزًا. وهو صحيح، وهو المذهب، نص عليه، وعليه الأصحاب. وسئل الإمام أحمد -رحمه الله-: متى تصح هبة الغلام؟ قال: ليس فيه اختلاف ‌إذا ‌احتلم، ‌أو ‌يصير ‌ابن ‌خمس عشرة سنة. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى: 28928.

والحكم بالبلوغ عند سن الخامسة عشرة هو مذهب الجمهور، وذهب المالكية وبعض الحنفية إلى أنه ثماني عشرة سنة.

وعليه؛ فهبة أختك صحيحة؛ لأنها بالغة باتفاق، وأما أخوك فإن كانت ظهرت عليه علامة من علامات البلوغ كالاحتلام أو الإنبات، فكذلك. وإن لم يظهر عليه شيء من علامات البلوغ ففيه خلاف، والجمهور على الحكم ببلوغه، وهو الأظهر، كما سبق بيانه في الفتوى: 18947.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني