الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط المضاربة الشرعية

السؤال

هناك شركة استثمار في (منصة) مجال عملها (تجارة الملابس، والمجوهرات ...يعني مجال عملها معلوم وحلال)، وتستقبل الشركة مبالغ من المستثمرين، وتستثمر هذه المبالغ، وتحصل على أرباح. وطريقة توزيع الأرباح كالتالي:
الأرباح الكلية تقسمها الشركة 10% للشركة، و90% تقسمها على المستثمرين.
وأرباح المشروع في المتوسط في 4 أشهر من 90% تقدر ب 70% لكل مستثمر، وبطبيعة الحال تحسب على حسب رأس ماله، ليأخذ كل مستثمر نصيبه من الأرباح على حسب المبلغ الذي شارك به. حسب قولهم: (ليس من المعقول أن تتساوى أرباح من استثمر 20000 بأرباح من استثمر 100.000)
مع العلم: أن عندهم مبيعات يومية وزبائن دائمين يعني احتمال خسارة رأس المال احتمال ضئيل. ومدة العقد 4 أشهر قابلة للتجديد.
فمثلا استثمرت بمبلغ 20000 دينار في 4 أشهر، أحصل على مبلغ 34000 دينار، يعني رأس المال مع ربح يقدر ب 14000 دينار يمكن أن يزيد ويمكن أن ينقص، وكلما كان مبلغ الاستثمار كبيرا كلما كان الربح أكبر. ونسبة الربح من الأرباح وليست من رأس المال، لكن حسب رأس المال.
عند التسجيل تطلب الشركة رسوما بقيمة 1% تذهب لعمال الشركة، ولا يوجد عقد استثماري (العقد الاستثماري يتوفر فقط حين الاستثمار بمبلغ كبير) وإلى أن يصل المبلغ إلى ذلك فالإجراءات بسيطة، حيث يمكنني دفع مبلغ الاستثمار عبر حساب بريدي عادي.
فهل هذا الاستثمار حلال؟ وهل يجوز لي أن أستثمر في هذه الشركة؟ (علما أنها منصة موثوقة، وقد تم الاستثمار فيها من قبل معارف)
أرجو الإفادة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنحن لا نستطيع الجزم بحكم الاستثمار في هذه الشركة بخصوصها.

ولكن نقول على وجه الإجمال والعموم: إن الشركات التي تعمل في تجارة مباحة، وتضبط علاقتها بمستثمريها على وفق عقد المضاربة الشرعية، لا حرج في الاستثمار معها.

والمضاربة الشرعية عقد بين طرفين، أحدهما يقدم مالًا، والآخر يتَّجر فيه، على أن يكون للعامل جزء شائع من الربح، يتفق عليه سلفا مع رب المال، فيكون صاحب المال مشاركاً بماله، والمضارب بعمله. وإذا حصلت خسارة خسر كل منهما ما شارك به، فرب المال يخسر ماله، والعامل (المضارب) يخسر جهده.

ومن شروط صحة المضاربة ألا يكون ربح المستثمر نسبة من رأس المال، بل نسبة مشاعة من الربح.

وراجعي في ذلك، وفي بيان بقية شروط صحة المضاربة الفتاوى: 70438، 280756، 206356.

ومما يلفت النظر فيما ذكرته السائلة، قولها: (عند التسجيل تطلب الشركة رسوما بقيمة1% تذهب لعمال الشركة).

وهذا لا نعلم له وجها شرعيا، بل فيه نوع من أكل المال بالباطل. وفيه إشكال آخر وهو: جعل دراهم معلومة للمضارب مع ما يأخذه من الربح، وهذا لا يصح، ويفسد المضاربة.

قال ابن المنذر في الإجماع: وأجمعوا على إبطال القراض الذي يشترط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. اهـ.

وقال ابن قدامة في «المغني»: متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم، بطلت الشركة. اهـ.

وانظري الفتوى: 482692.

وعلى أية حال، فإنا ننبه السائلة إلى أن شركات الاحتيال والسرقة قد كثرت وانتشرت.

ومن علاماتها الربح الكثير في المدة الوجيزة، وتعتمد في ذلك على رسوم التسجيل، والأموال المتدفقة من خلال المستثمرين الجدد، فتدفع منها الأرباح الوهمية للمستثمرين السابقين الذين ينبهرون بسرعة الربح وكثرته، فينشطون تلقائيا في الدعاية لهذه الشركات، فيبقى تدفق الاستثمار مستمرا، ولا يظهر خداع الشركة إلا عند فقد المستثمرين الجدد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني