الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما العمل عند الشك في عدد أشواط الطواف؟

السؤال

ذهبت قبل أربع سنوات إلى العمرة مع والدتي وأخي، وعندما أردنا الطواف طلبت والدتي أن أقوم بعدِّ الأشواط؛ فأمسكت بالمسبحة التي فيها سبع خرزات، وبدأنا الطواف.
وبسبب الزحام افترقت أنا ووالدتي عن أخي؛ فأكملت أنا ووالدتي، وكنت أسحب خرزة عندما ننهي شوطا، وفي أحد الأشواط عندما أردت أن أسحب واحدة وجدت خرزة في المنتصف -لا هي مع المعدود، ولا مع المتبقي يعني في وسطهن- فالتبس علي الأمر، ففكرت قليلا وقلت: يبدو أنني لم أسحبها بشكل صحيح؛ فعددتها ضمن الأشواط التي قمنا بها، ولم أخبر والدتي بشيء، وأكملنا الطواف بناء على ما عددته. ثم قمنا بالسير باتجاه المسعى لنبحث عن مكان مناسب لنصلي فيه ركعتي الطواف، فإذا بأخي يأتي واجتمعنا من جديد، فقلت في نفسي: يبدو أن عدد الأشواط كان صحيحماذاا.
لم أخبر والدتي ولم أسألها عن الحكم، أو نسأل شيخا في وقتها لنفعل ما ينبغي فعله.
أنا الآن خائفة؛ لأن والدتي اعتمرت بعد ذلك، وأنا حججت واعتمرت بعد ذلك؛ فأخاف أن يكون علي ذنب كبير، وأنني أتحمل ذنب والدتي؛ لأنها وكَّلتني على الحساب، مع العلم أنني لم أخبر أحدا إلى الآن.
فما حكم تلك العمرة والعمرة التي بعدها؟ وماذا أفعل الآن هل علي كفارة وهل أخبرها؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإذا غلب على ظنك أنكِ أنت وأمك قد أتيتما بسبعة أشواط؛ فإن طوافكما صحيح، ولا شيء عليكما بناء على ما رجّحه بعض أهل العلم، ويجوز لكما تقليد هذا القول. وراجعي الفتوى: 333910

وإذا لم يغلب على ظنك الإتيان بسبعة أشواط، بل كنت تشكين في عددها، فإن طوافك أنتِ ووالدتك غير مجزئ عند الجمهور. كما سبق في الفتوى: 14305

وعند الحنفية يعتبر طوافكما صحيحا، وعلى كل منكما دمٌ.

جاء في المبسوط للسرخسي: وإذا طاف الطواف الواجب في الحج والعمرة في جوف الحطيم قضى ما ترك منه إن كان بمكة.

وإن كان رجع إلى أهله فعليه دم؛ لأن المتروك هو الأقل فإنه إنما ترك الطواف على الحطيم فقط.

وقد بيَّنا أنه لو ترك الأقل من أشواط الطواف فعليه إعادة المتروك، وإن لم يعد فعليه الدم عندنا فهذا مثله. اهـ.

ومذهب الحنفية مخالف لمذهب الجمهور. لكن قد بينا في الفتوى: 125010 أن الفتوى بالقول المرجوح في المسائل الاجتهادية بعد وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من أهل العلم. وعليه، فيجوز لكما تقليد مذهب الحنفية، ويكون طوافكما صحيحا وعلى كل منكما دم.

فأخبري أمك بما يلزمها، وبإمكانكما توكيل شخص يوثق به فيذبح عن كل واحدة منكما شاة بمكة، ويقوم بتوزيعها على فقراء الحرم، وتكون عمرتكما صحيحة مجزئة.

وراجعي الفتويين: 153483، 19084.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني