الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يعطى المال بمجرد الدعوى

السؤال

والدي توفي وقد كان متزوجا من اثنتين، فلما بدأنا بتقسيم الإرث وأوشكنا على الانتهاء قالت زوجة أبي الثانية إن والدي كان يقول لها أن في ذمته مالا لإخوانه وهذا غير صحيح وهو يحتضر أو بعد مرض, الغريب في الأمر أن والدي كان ثريا ليس بحاجة إلى دين من جدي وأننا نحن من الزوجة الأولى كنا بالغي رشدنا وعلاقتنا به جيدة، فلماذا لم يخبرنا بهذا ودار هذا الحوار بحضور أعمامي الذين بدأوا يطالبوننا بهذا المال ولا يوجد أي شيء يثبت ذلك، فكنت أقول لعل زوجة أبي كانت تريد أن توقع بيننا وبين أعمامنا وبالتالي تكون قد حظيت باحترام الأعمام بحيث إنها كانت تقول أولادي أكثر منكم وهكذا يكون نصيبنا أكبر أي أن المال الذي سيؤخذ لن يؤثر في مالها، أفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما قالته زوجة أبيكم وما يطالب به أعمامكم مجرد دعوى فإذا لم تصدقوها فلا بد لهم من إقامة البينة الشرعية على صحتها وإلا فلا قيمة لها.

والقاعدة الشرعية في هذا الباب هي أن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه. وفي رواية: واليمين على من أنكر. رواه البيهقي وغيره وحسنه النووي في الأربعين وقال: وبعضه في الصحيحين.

فإذا أثبت أعمامكم الحق على أبيكم فعليكم أن تعطوهم حقهم من عموم التركة قبل قسمها لقول الله تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}.

أما إذا لم يثبتوه بالبينة الشرعية فعليكم أن تحلفوا على عدم علمكم بأي حق لهم على أبيكم، وفي هذه الحالة تسقط دعواهم عليكم، ويؤخذ من نصيب زوجة أبيكم ما يقابله من الدين الذي أقرت به لأعمامكم إذا كانت أهلاً للتصرف لأن إقرار المالك لأمره يوجب عليه الحق، وقال ابن عاصم المالكي في التحفة:

ومالك لأمره أمر في * صحته لأجنبي اقتفي

أي اتبع بما أقر به من الحقوق، وهذا من حيث الظاهر والإجراء القضائي الذي يحسم النزاع، ولكن إذا كان يغلب على ظنكم أو عندكم شك فالأفضل أن تستبرءوا لدينكم وعرضكم وتدفعوا لأعمامكم ما يطالبون به ولو كان ذلك بنية التبرع والصدقة إبقاء للمودة وصلة الرحم وحفاظاً على العرض والكرامة... كما قال الله تعالى: وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}، وإذا لم تصطلحوا أو تحسموا النزاع بطريقة ودية، فننصحكم بالرجوع إلى المحكمة الشرعية في بلدكم فإن لديها من الوسائل ما تستطيع به الاطلاع على حقيقة الأمر وحسم النزاع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني