الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التوفيق بين علاقة الزوج بأمه وعلاقته بزوجته

السؤال

أنا متزوج حديثا، ومشكلتي هي بين زوجتي وأمي. نحن نعيش في فرنسا وأهالينا في بلد عربي. حسب أهل زوجتي، أمي لم تكن مرحبة بهذا الزواج، والدليل الذي يتمسكون به هو أن أمي لا تزورهم ولا تهاتفهم عندما أكون أنا في فرنسا، وهذا صحيح رغم أنني أذكرها بضرورة زيارة أهل زوجتي من وقت لآخر، وأمي من النساء اللاتي لا تقدمن على الزيارات. هنالك حادثة أخرى كذلك وهي أنني اتفقت مع زوجتي أن نتزوج في فرنسا على أن نقوم بالاحتفال بحفل زفافنا في وقت لاحق في بلدنا، وأمي لم تقم بتهنئتنا في يوم زواجنا بل بعد يومين على خلاف أهل زوجتي. وهذا ما زاد الطين بلة، فأمرتني زوجتي بأن لا أهاتف أمي ‘عقابا لها‘ ،مع العلم أنني أهاتفها مرة في الأسبوع في العادة ولا أتركها تهاتفني حتى لا أحمّلها تكاليف المكالمة. ولقد قمت بتنفيذ ما طلبته مني زوجتي، ولم أهاتف أمي ثلاثة أشهر، وفي هذه الفترة كانت هي التي تقوم بمهاتفتي وطلبت مني زوجتي أن لا أطيل معها في الهاتف وأن أظهر غضبي منها من خلال طريقة كلامي.
وفي يوم ما خلال أيام عيد، سألت أمي لماذا لم تقم بزيارة أهل زوجتي أو على الأقل مهاتفتهم، فأجابتني بأنها قد هاتفتهم. ولكن زوجتي وأهل زوجتي نفوا ذلك. فثارت ثائرتي ولم أعرف ليومنا هذا من الكاذب. فغضب مني الطرفان لأنني وضعتهم ، أمي وحماتي، في ‘قفص الاتهام‘. فقمت بطلب من زوجتي وهو أن أضع جدارا فاصلا بين أهلي و أهلها حتى لا يؤثر ذلك على علاقتنا، مع العلم أنه منذ زواجنا لم تحصل مشاجرات سوى تلك المتعلقة بأهالينا، واتفقت على أن أعود لمهاتفة والدتي مرة في الأسبوعين.
الآن أنا حائر، فأمي كلما تسألني عن زوجتي أقول لها بأنها غير موجودة، وزوجتي ترفض مخاطبتها.
كل ما أريده هو أن تكون العلاقات بين أهالينا جيدة و أن لا يؤثر ذلك على علاقتي مع زوجتي، مع العلم أنني لا أبخل على مهاتفة أهل زوجتي أملا أن يعوض ذلك مالا تقوم به أمي.
في بعض الأحيان تقول لي زوجتي بأنها لا تريد من أقاربي و أهلي أن يحضروا حفل الزفاف في الصائفة القادمة، وتقول لي بأن حبها لي قد نقص لأنها تريدني لها وهي ترى بأن أمي تقتسم حبها لي، مع العلم أنني كنت أحدثها عن أمي قبل زواجنا و تعرف مدى تعلقي بها وهو ما وصّى به ديننا كما أنني لم أتردد في إعانة أمي ماليا عندما مرت ببعض المشاكل ولقد توقفت الآن نظرا لزوال هذه المشاكل.
كل أملي الآن منحصر في حفل الزفاف الذي سنعقده، فأنا أريده أن يكون نقطة انطلاق جديدة في العلاقة بين آهالينا و سأحرص إن شاء الله على ذلك مع العلم أنني لا أعود لبلدي إلا مرة واحدة في السنة وهو ما يعقد الأمور، لأنه لو لم أكن متغربا لحملت أمي معي في كل زيارة لي لأهل زوجتي ولما حصل ما حصل.
أرجو أن توضحوا لي ما حكم الدين في العلاقة مع الوالدين من ناحية و مع الزوجة من ناحية أخرى خاصة إذا حصلت خلافات بينهما ؟ وكيف يمكنني أن أجمع بينهما؟ أفيدوني بالله عليكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أخي الكريم أن حق أمك عليك عظيم، فما ينبغي لك أن تستجيب لزوجتك في ترك الاتصال بأمك أو إظهار غضبك منها ونحو ذلك ، وأما بشأن علاقة أمك بأهل زوجتك فلا شك أن الأفضل أن تكون علاقة محبة وتواصل، ولكن ذلك غير لازم، فإذا قدِّر أن أم زوجتك لم تتصل بأمك أو أمك لم تتصل بأم زوجتك فإن ذلك لا ينبغي أن يؤثر على علاقتك بزوجتك ولا على علاقة زوجتك بأمها ولا على علاقتك بأمك، وننبه الزوجة إلى أن من إكرام زوجها وطاعته واحترامه ومحبته أن تحب له الخير، ولا شيء بعد طاعة الله ورسوله خير من طاعة الأم، ومن تشجع زوجها على العقوق كمن تقذف بزوجها إلى النار ، ومن تريد أن يكون زوجها لها فعليها أن تعينه على طاعة من يجب عليه طاعتهم ، لأنها بحثها زوجها على العقوق لوالديه تبذر بذور الشقاق وستجني بعد ذلك عقوبته في الدنيا بالتفريق بينها وبين زوجها أو الشقاق وسوء الأخلاق بينهما، أو في الآخرة بأمرها بالمنكر ونهيها عن المعروف .

وعموما فإننا نرى أن المسألة أهون من ذلك، فتلطف مع أمك وحاول إقناعها بالتواصل مع أهل زوجتك .

وننبهك إلى أن لزوجتك عليك حقا، فقم به، ومن حقها عليك إحسان عشرتها والقيام بنفقتها، فلا تضيع حق زوجتك لإرضاء أمك ولا حق أمك لإرضاء زوجتك، وفقك الله لما فيه رضاه سبحانه، وإياك ثم إياك أن ترضخ لما تومئ به زوجتك من مقاطعة أمك أوأهلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني