الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الجهل بالمبيع والاعتراض على الموقع بعد البيع

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه.... وبعد:
فأرجو التفضل بالإجابة على سؤالي وهو: أن بلدية مدينتنا هيأت منذ سنين تجزئة أرضية للسكنى، وعرضت قطع هذه النجزئة للبيع، ويكون البيع على دفعات معلومة في أوقات معلومة بعد تقديم ملف والموافقة عليه من قبلها، قدمت ملفا فوافقت عليه وأعطتني رقم القطعة، ولكنني لم أعلم موقعها بالضبط من التجزئة، وقمت بتسديد الدفعات الأولى، ثم ظهر لي أن أبيع القطعة؛ إذ كانت البلدية تسمح بذلك على أن يدفع المشتري الجديد مبلغاً مقابل تحويل الملف على اسمه ثم يسدد ما تبقى من الدفعات، فاشتراها مني شخص بثمن زائد على الأقساط التي كنت قد دفعت، وبعدما تسلم المشتري القطعة فعليا -بعد مرور سنتين أو ثلاث- لم يعجبه موقع القطعة، فالسؤال هو: هل البيع الأول الذي أجريته مع البلدية سليم أم لا، هل البيع الثاني للمشتري الجديد فيه غرر أم لا، إذا كان هناك غرر فكيف أعالج الأمر وقد مر عليه أكثر من عشر سنين؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا تم نقل ملكية الأرض المذكورة لك مع العلم بصفاتها عند الشراء، علماً يُزيل الجهالة عنها كوصف موقعها ومساحتها ونحو ذلك، فالبيع صحيح نافذ ولو كان بالتقسيط، لأن البيع بالتقسيط جائز إذا استوفيت شروطه، وقد بيناها في الفتوى رقم: 1084، والفتوى رقم: 1860.

أما إذا اشتريت هذه الأرض مع الجهل بمساحتها أو موقعها أو بشيء مما له تأثير في الثمن فالبيع باطل للجهالة بالمبيع جهالة تُفضي إلى النزاع في المستقبل، والواجب في مثل هذا أن يُرد الثمن إلى المشتري والسلعة إلى البائع لعدم انعقاد البيع أصلاً، وذلك إذا أمكن رد المبيع، فإن لم يمكن رده لتلفه أو بيعه ضمن المشتري قيمته، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 43801، والفتوى رقم: 36827.

فإذا كانت السلعة لا تزال بيد المشتري إلا أنه لا يمكنه ردُّها للبائع كما أنه لا يستطيع الحصول على المال الذي دفعه إليه، فإن المشتري في هذه الحالة يملكها، فيمتلك المبيع ويسدد ما بقي عليه من الأقساط، هذا بالنسبة لك أنت (المشتري الأول) أما بيعك الأرض للرجل الآخر فإن كان البيع قد حصل منك له مع فساد بيعك الأول، فبيعك له باطل لأن ما بُني على الباطل فهو باطل، وإن كان بيعك له قد حصل مع صحة البيع الأول مع عدم جهالته هو بما بعت له فالبيع صحيح، واعتراضه على موقع القطعة بعد ذلك لا ينقض البيع ولا يبطله، أما إذا كان غير عالم بما اشترى بالرؤية أو الوصف المزيل للجهالة فالبيع باطل على ما قدمنا، ويجب فيه ما ذكرنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني