الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم جعل الفوائد الربوية صدقة جارية والإقراض منها

السؤال

كنت أضع نقودي في بنك ربوي بفائدة ولكني أخرجتها منه لحرمة ذلك وتجمع لدي الآن مبلغ الفوائد فقمت بوضعه كصدقة جارية (بنية التخلص من الحرام وليس الثواب) ويتم توزيع ريعها في أوجه الخير أو لحين أن أجد سبيلا لصرفها كاملة. وسؤالي الآن: لدي بعض الزميلات تورطن في ديون من كروت الفيزا وتراكمت عليهن الفوائد مما أثقل كاهلهن لارتفاع نسب الفائدة ويفكرن الآن بأخذ قرض بفائدة أقل كسداد لديون الفيزا وقد حاولن استلاف المبلغ من البعض ولكن لم يوفقن لكبر المبلغ فهل يحل لي أخذ نقود الفوائد وإعطاؤها لهن كقرض حسن يتم سداده (وليس كصدقة) حتى أقطع طريق القروض الربوية وتوفير السبيل الحلال (مع إخباري لهن أنها ليست نقودي دون الدخول في تفاصيل موضوع الفوائد وسوف أدفع جزءا من نقودي أيضا لعدم كفاية الفوائد). مع العلم أن لديهن بعض الكماليات كالموبايل وخلافه وقد سمعت أن إحداهن تمتلك سيارة هي أو زوجها. وأخرى لديها مشاكل مع زوجها وشبه منفصلة وعلى وشك الطلاق وتعيش مع ولدها الصغير فهل مساعدتهن بهذا الطريق حلال كسبيل لإعانتهن على الحلال وأخذ درس مما حدث ؟ أم أن هذا لن يفيد معهن وسيكون دافعا لهن للتمادي ؟أنا لا أعلمهن جيدا حيث إني لا أختلط بالزميلات في العمل فما نصيحتكم لي في هذه الحالة مع خشيتي أن أقوم بهذا رياء أو ليقال إني كذا وكذا وما هو الحل إذا لم يوفقن في السداد هل أقوم باقتطاع جزء من نقودي والتخلص منها بما يوازي قيمة الفوائد غير المحصلة منهن أم لا يلزمني ذلك ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز للمسلم أن يودع أمواله في البنوك الربوية في حال اختياره وعدم اضطراره ، كما لا يجوز له أخذ فوائدها ، لأن الربا حرمته مجمع عليها ، وحذر الله تعالى منه ، وأوعد صاحبه بالحرب من قبله جل وعلا. قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278 ـ 279} ومن أودع أمواله في البنوك الربوية ثم تاب إلى الله تعالى ، فعليه أن يتخلص فوراً مما نتج عن ذلك الإيداع من فوائد ، ويصرفها في مصالح المسلمين العامة ، وفي وجوه الخير. وجعل تلك الفوائد صدقة جارية إذا كانت تبقى تحت يده هو لا يجوز ، لأنه لم يتخلص منها بعد ، ولا يدري متى يفجؤه الموت ، فيكون قد مات ولم يتخلص من ذلك المال الحرام ، وإذا كان يجعلها في شيء له ريع يتم توزيعه في أوجه الخير ، ويرفع يده عنه مسلماً له لمن يتولى مصالح المسلمين ، أو متخذاً له ناظراً يتولى أمره ، فلا حرج في ذلك ، ولا بأس حينئذ بإقراض الناس منه لصدهم عن الاقتراض بالربا ، لأن ذلك وجه من وجوه الخير ، ومصلحة من مصالح المسلمين ، ولكن الذي يتولى الإقراض منه هو القائم عليه وليس الشخص الذي تخلص منه توبة إلى الله .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني