الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفتوى لا يتولاها إلا من هو أهل لها

السؤال

أنا مسلم متدين وأريد أن أفتي، لكن لا أحب ذلك، لكي لا أقول إجابة غير صحيحة، فأريد منكم أن أعرف ما هو الواجب دراسته لكي أكون على قدر هذه المهمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد وأثابك خيراً على حرصك على الخير وتحرزك من القول على الله بلا علم، كما أمرك ربك بذلك في قوله تعالى: وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ {الإسراء:36}، وقوله تعالى: وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ {النحل:116}، وقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {الأعراف:33}.

قال العلماء بدأ الآية بأهون المحرمات وختمها بأعظمها لأن القول على الله بلا علم خطير فهو توقيع عن رب العالمين، كما قال العلامة ابن القيم في كتابه الممتع القيم إعلام الموقعين عن رب العالمين وهو كتاب مفيد لا يستغني عنه طالب العلم سيما في هذا الباب فننصحك بقراءته، وأما ما يجب على المتصدي لهذا المقام الخطير معرفته فهو التضلع من العلوم الشرعية.

قال المناوي في فيض القدير: (فأفتوا بغير علم) وفي رواية برأيهم أي استكباراً وأنفة عن أن يقولوا لا نعلم (فضلوا) في أنفسهم (وأضلوا) من أفتوه وفي رواية وضلوا عن سواء السبيل. وهذا تحذير من ترئيس الجهلة وأن الفتوى هي الرئاسة الحقيقية وذم من يقدم عليها بلا علم.... ولما ترشح قوم للزعامة في العلم بغير استحقاق وأحدثوا بجهلهم بدعا استغنوا بها عامة واستجلبوا بها منفعة ورياسة فوجدوا من العامة مساعدة بمشاركتهم لهم وقرب جوهرهم منهم وفتحوا بذلك طرقا منسدة ورفعوا به ستورا مسبلة وطلبوا منزلة الخاصة فوصلوها بالوقاحة وبما فيهم من الشره فبدعوا العلماء وجهلوهم اغتصاباً لسلطانهم ومنازعة لمكانهم فأغروا بهم أتباعهم حتى وطئوهم بأظلافهم وأخفافهم فتولد بذلك البوار والجور العام والعار.

فمنصب الفتوى خطير جداً لا يقوم به إلا أهله، ومن ضوابطه وشروطه ما بيناه في الفتوى رقم: 5583، والفتوى رقم: 14485، والفتوى رقم: 14585 وللاستزادة راجع كتاب ابن القيم إعلام الموقعين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني