الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشرود الذهني.. سببه.. وعلاجه

السؤال

أنا طالب وأدرس بشكل كبيرمن 8 إلى 10 ساعات يوميا ومحافظ على أورادي يوميا مع ختمة مستمرة من القرآن الكريم، ولكن السؤال هو : يحدث لي شرود في الذهن بشكل كبير وطويل ومتكرر مثلا في الصلاة والدراسة وجميع الأوقات أنتظر الجواب ؟
وجزاكم الله خيرا عني وعن سائر المسلمين أجمعين .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك وأن يعينك على الالتزام بختم كتابه والعمل بشرعه ، فإن الطريق الذي ذكرت أنك تسير فيه هو طريق عباد الله الصالحين الذين اصطفاهم الله على سائر خلقه ، قال تعالى : ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ {فاطر: 32 } وما يحصل لك من شرود ذهني أثناء مذاكرتك وصلاتك ونحو ذلك إنما هو من فعل الشيطان ليعكر صفو عباداتك ، وليفسد عليك أمر دينك، فقد روى أبو داود عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة . قال الشيخ الألباني : صحيح ، ورواه أحمد وغيره أيضا .

ومما يعين الشيطان على ذلك تفرق همة المرء في أمور عديدة ، أو حصول بعض العوارض المنغصة التي تفرق على المرء أمره وتشتت عليه شمله ، فيكون ذلك مدخلا للشيطان في إعمال الذهن فيها، وذلك مما يشغل المرء عن أوراده وواجباته ، وعلاج ذلك التوكل على الله تعالى ، فإن المتوكل يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، وأن النفع والضر بيد الله تعالى وحده، فيذهل قلبه بهذا الفكر العالي عن كل ما يعرض له من أمور ، ويصفو ذهنه لعبادة العزيز الغفور ، ويمتلئ قلبه لله وقارا وبه أنسا وثقة، ولرسوله حبا ، حتى يكون ما يعرض له من منغصات في بعض الأحيان أحب إليه من العافية - وذلك دون تمني البلاء- لأنها حال يجد فيها قلبه الضائع، ويجتمع إليه فكره التائه .

ولا يستغني المرء في الحالة المذكورة عن كثرة ذكر الله تعالى التي ينعم صاحبها باطمئنان القلب وراحة النفس وثقل الميزان ومغفرة الذنوب والآثام، قال تعالى : أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد: 28 } والصحبة الصالحة على ما ذكرنا خير معين، فإن الصاحب يتأثر بصاحبه؛ كما قال الشاعر :

عن المرء لا تسل وسل عن قرينه * فكل قرين بالمقارن يقتدي .

وقيل قديما : الصاحب ساحب .

وخير صحبة صالحة يمكن للمرء لزومها العلماء الربانيون الذين إذا غفل صاحبهم ذكروه، وإذا ذكر الله أعانوه وإذا هفا تحملوه، وإذا مرض قلبه أعطوه من الأدوية النافعة ما يكون سببا في صحته بعد مرضه وحياته بعد موته، وذلك بوابل غيث القرآن، وسنة سيد الآنام .

ولمزيد من التفاصيل راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية : 6598 ، 43640 ، 11752 ، 55538 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني