الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التداوي بالقرآن وفتح عيادات لذلك

السؤال

فضيلة الشيخ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.ما حكم التدواي بالقرآن؟ وما هي الطرق الشرعية في التداوي بالقرآن إن وجدت ؟علما أنني عاينت رجلا حامل قرآن يداوي رجلا مسه الجن, وقد تحدث الجني الموجود فيه وعاهده على الخروج من الرجل وبعد نومة قصيرة أفاق الرجل معافى.ثم هل عيادات التداوي بالقرآن شرعية بمعنى ماحكم الشرع في مثل هذه العيادات؟ وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإن القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة -وما ‏كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستفادة به- إذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه ‏بصدق وإيمان وقبول تامٍ واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه داء أبداً، وكيف تقاوم ‏الأداوء كلام رب الأرض والسماء!! الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض ‏لقطعها.‏
هذا كلام ابن القيم في زاد المعاد، والطب النبوي.
صدق والله العظيم، فالقرآن هو الشفاء ‏التام لجميع الأمراض الظاهرة والباطنة، ولكنه شفاء بالدرجة الأولى لأهله المؤمنين به، ‏العاملين بمقتضاه، الموقنين بأنه هو الشفاء، وأن منزله هو الشافي وحده سبحانه وتعالى، ‏يقول الله تعالى ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء) [فصلت:44] ويقول سبحانه وتعالى: ‏‏(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ ‏لِلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57]‏
ويقول سبحانه وتعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ ‏الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً) [الإسراء:82]‏
فأقل ما يقال عن التداوي بالقرآن هو أنه جائز، لأن الله سبحانه وتعالى جعله الدواء ‏النافع، والأولى بالمؤمن أن يتداوى به قبل أي دواء، وأنفع طرق التداوي بالقرآن أن يقرأه ‏المريض على نفسه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وإن قرأه عليه غيره ‏جاز ذلك، كما كانت عائشة رضي الله تعالى عنها تفعل برسول الله صلى الله عليه وسلم ‏لما أشتد به الوجع فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه ‏كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها. وفي رواية لمسلم أنها قالت: كان رسول الله ‏صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات.‏
ومن الطرق المشروعة النافعة أن يقرأ القرآن في إناء فيه ماء ثم يشرب المريض أو يغتسل ‏منه. ومن الطرق أيضاً أن يكتب آيات من كتاب الله تعالى في إناء أو لوح وتمحى بالماء ثم ‏تشرب تلك الغسالة أو يستحم بها.‏
نص على ذلك الإمام أحمد وغيره.
أما فتح عيادات للتداوي بالقرآن فالأصل أنه لا داعي ‏له، لأن كل مؤمن مؤهل لأن يقرأ القرآن على نفسه وعلى غيره، كما تقدم من الإشارة ‏إلى ذلك. لكن إذا عرف شخص بالصلاح وزكاه أهل الخير والفضل والصلاح، وجربت ‏رقيته وأثبتت التجربة أنها نافعة، فلا حرج إن شاء الله تعالى في أن يفتح عيادة للعلاج ‏بالقرآن.‏
والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني