الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 344 ] 985 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إذا سمعتم عني حديثا تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم ، فترون أنه منكم قريب ، فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم عني بحديث تنكره قلوبكم ، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكر ، فأنا أبعدكم منه .

6067 - حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا أبو عامر العقدي ، حدثنا سليمان بن بلال ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصاري .

عن أبي حميد ، وأبي أسيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكم قريب ، فأنا أولاكم به ، وإذا سمعتم بحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم ، وترون أنه منكر ، فأنا أبعدكم منه .

[ ص: 345 ] هكذا روى ربيعة هذا الحديث عن عبد الملك بن سعيد .

وقد رواه بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن عبد الملك بن سعيد هذا ، فخالفه في إسناده ومتنه .

كما حدثنا علي بن عبد الرحمن ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا بكر بن مضر ، عن عمرو بن الحارث ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج : [ ص: 346 ] أن عبد الملك بن سعيد ، حدثه عن عباس بن سهل .

أن أبي بن كعب كان في مجلس ، فجعلوا يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمرخص والمشدد ، وأبي بن كعب ساكت ، فلم يكن غير أن قال : أي هؤلاء ، ما حديث بلغكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفه القلوب ويلين له الجلد وترجون عنده ، فصدقوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الخير .

قال أبو جعفر : فتأملنا هذا الحديث فوجدنا الله عز وجل قال في كتابه : إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا . وقال عز وجل : الله نـزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله . وقال عز وجل فيما ذكر عن أصحاب النجاشي : وإذا سمعوا ما أنـزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا ، فأخبر الله عز وجل عن أهل الإيمان من هذه الأحوال عند السماع بما أنزل على نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وكان ما يحدثون به عنده مما يكون في الحقيقة كما يحدثون به عنه من جنس ذلك ; لأن ذلك كله من عند الله عز وجل قامت عليه الحجة عندهم بصدق ما يحدثهم به عنه ، فوجب عليهم بذلك الوقوف على ما حدثهم به من ذلك قبول قوله ، والمخالفة بينه وبين ما سواه مما تقدم ذكرنا له قبله .

التالي السابق


الخدمات العلمية