الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الباب الثاني في طهارة أصله وشرف مجده صلى الله عليه وسلم

            وذلك مما لا يحتاج إلى إقامة دليل عليه، فهو خير أهل الأرض نسبا على الإطلاق ، فلنسبه من الشرف أعلى ذروة ، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم عندما سأله عن صفاته عليه الصلاة والسلام قال : كيف نسبه فيكم ؟ قال : هو فينا ذو نسب . قال : كذلك الرسل تبعث في أنساب قومها . يعني : في أكرمها أحسابا ، وأكثرها قبيلة صلوات الله عليهم أجمعين .

            فهو سيد ولد آدم وفخرهم في الدنيا والآخرة ، أبو القاسم وأبو إبراهيم محمد وأحمد والماحي الذي يمحى به الكفر والعاقب الذي ما بعده نبي والحاشر الذي يحشر الناس على قدميه والمقفى ونبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة وخاتم النبيين والفاتح وطه ويس وعبد الله .

            قال البيهقي : وزاد بعض العلماء فقال : سماه الله في القرآن رسولا نبيا أميا شاهدا مبشرا نذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، ورءوفا رحيما ومذكرا ، وجعله رحمة ونعمة وهاديا فأشرف القوم قومه ، وأشرف القبائل قبيلته ، وأشرف الأفخاذ فخذه . فإنه نخبة بني هاشم وسلالة قريش وأشرف العرب وأعزم نفرا من قبل أبيه وأمه، ومن أهل مكة أكرم بلاد الله تعالى على الله وعلى عباده.

            وأعداؤه صلى الله عليه وسلم كانوا يشهدون له بذلك ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بن حرب بين يدي ملك الروم .

            فأشرف القوم قومه وأشرف القبائل قبيلته وأشرف الأفخاذ فخذه صلى الله عليه وسلم.

            قال الله سبحانه وتعالى: الله أعلم حيث يجعل رسالته .

            وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله تعالى: وتقلبك في الساجدين قال: من صلب نبي إلى صلب نبي حتى صرت نبيا.

            رواه البزار ، والطبراني . رجاله ثقات.

            وعن عطاء عنه في الآية قال: "ما زال نبي الله صلى الله عليه وسلم يتقلب في أصلاب الأنبياء حتى ولدته أمه" رواه أبو نعيم .

            وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه".

            رواه البخاري .

            وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خير العرب مضر ، وخير مضر بنو عبد مناف ، وخير بني عبد مناف بنو هاشم ، وخير بني هاشم بنو عبد المطلب ، والله ما افترقت فرقتان منذ خلق الله آدم إلا كنت في خيرهما".

            رواه أبو نعيم .

            وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قسم خلقه قسمين فجعلني في خيرهما قسما، ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرهما ثلثا، ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة، ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا فذلك قوله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت الآية. رواه الطبراني وأبو نعيم .

            وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال جبريل قلبت مشارق الأرض ومغاربها فلم أجد أفضل من محمد ، ولم أجد بني أب أفضل من بني هاشم ".

            رواه الطبراني والبيهقي وابن عساكر .

            قال الحافظ في أماليه: لوامح الصحة ظاهرة على صفحات هذا المتن.

            رواه الحكيم الترمذي .

            وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ولدتني بغي قط منذ خرجت من صلب آدم ، ولم تزل تنازعني الأمم كابرا عن كابر حتى خرجت من أفضل حيين من العرب : هاشم وزهرة".

            رواه ابن عساكر .

            وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " بفتح الفاء وقال: "أنا أنفسكم نسبا وصهرا وحسبا، ليس في آبائي من لدن آدم سفاح، كلنا نكاح".

            رواه ابن مردويه .

            رواه ابن سعد وابن عساكر .

            وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرجت من نكاح غير سفاح". رواه ابن سعد وابن عساكر .

            وعن علي رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي لم يصبني من نكاح الجاهلية شيء ما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام".

            رواه العدني في مسنده والطبراني وأبو نعيم وابن عساكر .

            ، وله طرق عن ابن عباس رواها أبو نعيم .

            وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إن قريشا - أي المسعدة بالإسلام - كانت نورا بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم صلى الله عليه وسلم بألفي عام يسبح ذلك النور وتسبح الملائكة بتسبيحه، فلما خلق الله آدم ألقى ذلك النور في صلبه.

            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأهبطني الله تعالى إلى الأرض في صلب آدم وجعلني في صلب نوح ، وقذف بي في صلب إبراهيم ، ثم لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الكريمة والأرحام الطاهرة حتى أخرجني من بين أبوي لم يلتقيا على سفاح قط".


            رواه ابن أبي عمر العدني في مسنده.

            ويرحم الله تعالى القائل:

            حفظ الإله كرامة لمحمد آباءه الأمجاد صونا لاسمه     تركوا السفاح فلم يصبهم عاره
            من آدم وإلى أبيه وأمه

            ويرحم الله تعالى القائل:

            من عهد آدم لم يزل تحمي له     في نسلها الأصلاب والأرحام
            حتى تنقل في نكاح طاهر     ما ضم مجتمعين فيه حرام
            فبدا كبدر التم ليلة وضعه     ما شان مطلعه المنير قتام
            فانجابت الظلماء من أنواره     والنور لا يبقى عليه ظلام
            شكرا لمهديه إلينا نعمة     ليست تحيط بكنهها الأوهام

            وروى ابن سعد وابن عساكر عن الكلبي رحمه الله تعالى قال: كتبت للنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة أم فما وجدت فيهن سفاحا ولا شيئا من أمر الجاهلية.

            قوله خمسمائة أم: يريد الجدات وجدات الجدات من قبل أبيه وأمه.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية