الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            سرد النسب الزكي

            من محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى آدم عليه السلام قال أبو محمد عبد الملك بن هشام ( النحوي ) : هذا كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . قال : نسب النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، واسم عبد المطلب : شيبة بن هاشم واسم هاشم : عمرو بن عبد مناف واسم عبد مناف : المغيرة بن قصي ، ( واسم قصي : زيد ) بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة ، واسم مدركة : عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن ( أد ، ويقال ) : أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم - خليل الرحمن - بن تارح ، وهو آزر بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ ، وهو إدريس النبي فيما يزعمون والله أعلم ، وكان أول بني آدم أعطى النبوة ، وخط بالقلم - ابن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم صلى الله عليه. قال أبو محمد عبد الملك بن هشام : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي بهذا الذي ذكرت من نسب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى آدم عليه السلام ، وما فيه من حديث إدريس وغيره .

            قال ابن هشام : وحدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي ، عن شيبان بن زهير بن شقيق بن ثور عن قتادة بن دعامة ، أنه قال :

            إسماعيل بن إبراهيم - خليل الرحمن - بن تارح ، وهو آزر بن ناحور بن أسرغ بن أرغو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن قاين بن أنوش بن شيث بن آدم صلى الله عليه وسلم . وما أحسن ما نظم النسب النبوي الإمام أبو العباس عبد الله بن محمد الناشئ في قصيدته المشهورة المنسوبة إليه وهي قوله


            مدحت رسول الله أبغي بمدحه وفور حظوظي من كريم المآرب


            مدحت امرأ فاق المديح     موحدا بأوصافه عن مبعد ومقارب


            نبيا تسامى في المشارق نوره     فلاحت هواديه لأهل المغارب


            أتتنا به الأنباء قبل مجيئه     وشاعت به الأخبار في كل جانب


            وأصبحت الكهان تهتف باسمه     وتنفي به رجم الظنون الكواذب


            وأنطقت الأصنام نطقا تبرأت إلى     الله فيه من مقال الأكاذب


            وقالت لأهل الكفر قولا مبينا     أتاكم نبي من لؤي بن غالب


            ورام استراق السمع جن فزيلت     مقاعدهم منها رجوم الكواكب


            هدانا إلى ما لم نكن نهتدي     له لطول العمى من واضحات المذاهب


            وجاء بآيات تبين أنها     دلائل جبار مثيب معاقب


            فمنها انشقاق البدر حين تعممت     شعوب الضيا منه رءوس الأخاشب


            ومنها نبوع الماء بين بنانه     وقد عدم الوراد قرب المشارب


            فروى به جما غفيرا وأسهلت     بأعناقه طوعا أكف المذانب


            وبئر طغت بالماء من مس سهمه     ومن قبل لم تسمح بمذقة شارب


            وضرع مراه فاستدر ولم يكن     به درة تصغي إلى كف حالب


            ونطق فصيح من ذراع مبينة     لكيد عدو للعداوة ناصب


            وأخباره بالأمر من قبل كونه     وعند بواديه بما في العواقب


            ومن تلكم الآيات وحي أتى     به قريب المآتي مستجم العجائب


            تقاصرت الأفكار عنه فلم . يطع     بليغا ولم يخطر على قلب خاطب


            حوى كل علم واحتوى كل حكمة     وفات مرام المستمر الموارب


            أتانا به لا عن روية مرتئ     ولا صحف مستمل ولا وصف كاتب


            يواتيه طورا في إجابة سائل     وإفتاء مستفت ووعظ مخاطب


            وإتيان برهان وفرض شرائع     وقص أحاديث ونص مآرب


            وتصريف أمثال وتثبيت حجة     وتعريف ذي جحد وتوقيف كاذب


            وفي مجمع النادي وفي حومة الوغى     وعند حدوث المعضلات الغرائب


            فيأتي على ما شئت من طرقاته     قويم المعاني مستدر الضرائب


            يصدق منه البعض بعضا كأنما     يلاحظ معناه بعين المراقب


            وعجز الورى عن أن يجيئوا بمثل ما     وصفناه معلوم بطول التجارب


            تأبى بعبد الله أكرم والد     تبلج منه عن كريم المناسب


            وشيبة ذي الحمد الذي فخرت     به قريش على أهل العلا والمناصب


            ومن كان يستسقى الغمام بوجهه     ويصدر عن آرائه في النوائب


            وهاشم الباني مشيد افتخاره     بغر المساعي وامتنان المواهب


            وعبد مناف وهو علم قومه     اشتطاط الأماني واحتكام الرغائب


            وإن قصيا من كريم غراسه     لفي منهل لم يدن من كف قاضب


            به جمع الله القبائل بعد ما     تقسمها نهب الأكف السوالب


            وحل كلاب من ذرى المجد معقلا     تقاصر عنه كل دان وغائب


            ومرة لم يحلل مريرة عزمه     سفاه سفيه أو محوبة حائب


            وكعب علا عن طالب المجد كعبه     فنال بأدنى السعي أعلى المراتب
            .


            وألوى لؤي بالعداة فطوعت له     همم الشم الأنوف الأغالب


            وفي غالب بأس أبي البأس دونهم     يدافع عنهم كل قرن مغالب


            وكانت لفهر في قريش خطابة     يعوذ بها عند اشتجار المخاطب


            وما زال منهم مالك خير مالك     وأكرم مصحوب وأكرم صاحب

            وللنضر طول يقصر الطرف دونه     بحيث التقى ضوء النجوم الثواقب

            لعمري لقد أبدى كنانة قبله     محاسن تأبى أن تطوع لغالب


            ومن قبله أبقى خزيمة حمده     تليد تراث عن حميد الأقارب


            ومدركة لم يدرك الناس مثله     أعف وأعلى عن دني المكاسب


            وإلياس كان اليأس منه     مقارنا لأعدائه قبل اعتداد الكتائب


            وفي مضر يستجمع الفخر كله     إذا اعتركت يوما زحوف المقانب


            وحل نزار من رياسة أهله     محلا تسامى عن عيون الرواقب


            وكان معد عدة لوليه إذا     خاف من كيد العدو المحارب


            ومازال عدنان إذا عد فضله     توحد فيه عن قرين وصاحب


            وأد تأدى الفضل منه بغاية     وارث حواه عن قروم أشايب


            وفي أدد حلم تزين بالحجا     إذا الحلم أزهاه قطوب الحواجب


            ومازال يستعلي هميسع بالعلى     ويتبع آمال البعيد المراغب


            ونبت بنته دوحة العز وابتنى     معاقله في مشمخر الأهاضب


            وحيزت لقيدار سماحة حاتم     وحكمة لقمان وهمة حاجب


            همو نسل إسماعيل صادق وعده     فما بعده في الفخر مسعى لذاهب


            وكان خليل الله أكرم من عنت     له الأرض من ماش عليها وراكب


            وتارح مازالت له أريحية     تبين منه عن حميد المضارب


            وناحور نحار العدى حفظت له     مآثر لما يحصها عد حاسب


            وأشرع في الهيجاء ضيغم غابة     يقد الطلى بالمرهفات القواضب


            وأرغو ناب في الحروب محكم     ضنين على نفس المشح المغالب


            وما فالغ في فضله تلو قومه     ولا عابر من دونهم في المراتب


            وشالخ وأرفخشذ وسام سمت     بهم سجايا حمتهم كل زار وعائب


            وما زال نوح عند ذي العرش فاضلا     يعدده في المصطفين الأطايب


            ولمك أبوه كان في الروع رائعا     جريئا على نفس الكمي المضارب


            ومن قبل لمك لم يزل متوشلخ     يذود العدى بالذائدات الشوارب


            وكانت لإدريس النبي منازل     من الله لم تقرن بهمة راغب


            ويارد بحر عند آل سراته     أبي الخزايا مستدق المآرب


            وكانت لمهلاييل فهم فضائل     مهذبة من فاحشات المثالب


            وقينان من قبل اقتنى مجد قومه     وفات بشأو الفضل وخد الركائب


            وكان أنوش ناش للمجد نفسه     ونزهها عن مرديات المطالب


            ومازال شيث بالفضائل فاضلا     شريفا بريئا من ذميم المعائب


            وكلهم من نور آدم أقبسوا     وعن عوده أجنوا ثمار المناقب


            وكان رسول الله أكرم منجب     جرى في ظهور الطيبين المناجب

            .

            مقابلة آباؤه أمهاته     مبرأة من فاضحات المثالب


            عليه سلام الله في كل شارق     ألاح لنا ضوءا وفي كل غارب

            هكذا أورد القصيدة الشيخ أبو عمر ابن عبد البر ، وشيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي في تهذيبه من شعر الأستاذ أبي العباس عبد الله بن محمد الناشئ المعروف بابن شرشير ، أصله من الأنبار ورد بغداد ، ثم ارتحل إلى مصر فأقام بها حتى مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية