الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وتبطل بموت الوكيل حتى لا يقوم وارثه ولا وصيه مقامه ) ; لأن الوكالة لا يجري فيها الإرث ولأن الموكل رضي برأيه لا برأي غيره وعن أبي يوسف أنه إن وصى الوكيل يملك بيعه ; لأن الوكالة لازمة فيملك الوصي كالمضارب إذا مات والمالية عروض يملك وصي المضارب بيعها لما أنه لازم بعد ما صار عروضا قلنا الوكالة حق على الوكيل فلا تورث عنه ; لأن الإرث يجري في حق له لا في حق عليه فوجب القول ببطلانها بخلاف المضاربة ; لأنها حق المضارب فيورث عنه فتقوم الورثة مقامه فيه ولأن المضارب له ولاية التوكيل في حياته فجاز أن يقوم وصيه مقامه بعد وفاته كالأب في مال الصغير والوكيل ليس له حق التوكيل في حياته فلا يقوم غيره مقامه بعد موته ، ولو أوصى لرجل ببيعه لم يصح إلا إذا كان مشروطا له في الوكالة فيصح ; لأنه لازم بوضعه ، وفي الذخيرة لو مات العدل بطل التسليط ، وفي السراجية العدل المسلط على البيع إذا باع البعض بطل الرهن في الباقي وإذا باع العدل الرهن ووقع الاختلاف بين الراهن والمرتهن والعدل في مقدار الثمن ، فقال العدل بعت بمائة فأعطيتها المرتهن ، وقال المرتهن باعه بخمسين فالقول للمرتهن مع يمينه كذا في الخانية .

                                                                                        وإن أقام البينة فالبينة بينة الراهن وإذا كان العدل مسلطا على [ ص: 294 ] البيع إذا حل الأجل ، فقال المرتهن كان الأجل إلى شهر رمضان ، وقد دخل شهر رمضان ، وقال الراهن إلى شوال فالقول قول الراهن في وقت حلول الأجل القول قول المرتهن وإذا باع العدل بالنسيئة جاز البيع من غير تفصيل كذا في الأصل ، وفي غيره إذا باع بنسيئة غير معهودة بأن باع إلى عشر سنين ينبغي أن لا تجوز عندهما ، وقال القاضي أبو علي النسفي إن تقدم من الراهن ما يدل على البيع بالنقد بأن قال المرتهن يطالبني بدينه ويؤذيني فبعه حتى أوفيه فباعه بالنسيئة لا يجوز بمنزلة ما لو قال بعه ، فإني محتاج إلى النفقة ، وفي الذخيرة لو كان المرتهن هو العدل ، فقال له الراهن بعه واستوف دينك من ثمنه فباعه بالنسيئة فيجوز كيفما كان ، وقال شمس الأئمة السرخسي : لو لحق العدل جنون يقع الإياس من إفاقته فينعزل ، وإن كان يرجى إفاقته لا ينعزل حتى إذا عاد عقله إليه له أن يبيع ، وإن باع في حال جنونه لا يصح والعدل في حق العين كالمودع فما جاز للمودع جاز للعدل ولا يملك أن يسافر بالرهن إذا كانت الطريق مخيفة وإذا كان الطريق آمنا وقيد بالمصر لا يملك السفر ، وفي الغياثية إذا مات المرتهن يبيع العدل العين المرهونة بحضرة الورثة ، ولو باع العدل ، ثم رد عليه بعيب رجع به على الراهن إلا أن يكون الرد عليه بإقراره بعيب جاز أن يحدث في المدة ، ولو صدقه الراهن بالعيب في يده يرجع به عليه .

                                                                                        ولو اختار العدل أحدهما فأفلس ليس له أن يرجع على الآخر ، ولو قال المرتهن كان قيمته يوم الرهن كذا ، ثم ادعى النقصان لم يصدق ولا يرجع بالنقصان إلا إذا كان تراجع السعر في تلك المدة معروفا ، ولو قال العدل بعت وقبضت الثمن وهلك عندي أو دفعته لك صدق عليه . وفي الخانية رهن شيئا بدين مؤجل وسلط العدل على بيعه إذا حل الأجل فلم يقبض العدل الرهن حتى حل الدين فالرهن باطل والوكالة بالبيع باقية ، ولو رهن شيئا بدين مؤجل وسلط العدل على البيع مطلقا ، ولم يقل عند حلول أجل الدين فللعدل أن يبيعه بعد ذلك وفي المنتقى والذخيرة بشر عن أبي يوسف رهن من آخر عبدا ووضعاه على يد عدل وغاب الراهن ، فقال المرتهن آمرك ببيعه ، وقال العدل لم يأمرني ببيعه قال لا أقبل بينة المرتهن عليه ، وفي الإملائيات العدل أوصى إلى رجل ببيع الرهن لم يجز إلا أن يكون الراهن قال له في أصل الوكالة وكلتك ببيع الرهن وأجزت لك ما صنعته فحينئذ يجوز لوصيه بيعه ولا يجوز للوصي أن يوصي إلى ثالث ، روى الحسن عن أبي حنيفة أن وصي العدل يقوم مقام العدل في البيع ، وروى ابن مالك عن أبي يوسف أن وصي العدل يقوم مقام العدل في البيع بمنزلة المضارب يموت والمال عروض ، فإن وصيه يقوم مقامه في البيع .

                                                                                        قال الحاكم أبو الفضل : هذا الجواب خلاف جواب الأصل شرح الطحاوي ، فإن سلط العدل على البيع وأداء الثمن منه جاز بيعه عند أبي حنيفة فيما عز وهان وبأي ثمن كان من قبيل المطلق بالبيع ، فإن باعه بجنس الدين ، فإنه يقضي دينه من الثمن ، وإن باعه بخلاف جنس الدين ، فإنه يبيع الثمن بجنس الدين ويقضي دين المرتهن وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يبيعه بالدراهم والدنانير بمثل قيمته أو أقل بقدر ما يتغابن الناس فيه ، فإن باعه بجنس الدين قضى به الدين ، وإن باعه بخلاف جنسه صرفه بجنس الدين وقضى الدين ، وذكر في الأصل إذا كان المرتهن مسلطا على البيع فأقام بينته أنه باع بسبعين وأقام الراهن بينته أنه مات في يد المرتهن أخذ ببينة المرتهن ، وقال أبو يوسف يؤخذ ببينة الراهن ولما ظهر أن العدل وكيل عبر عنه بلفظ الوكيل .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية