الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في وصية الرجل لعبده ولعبد وارثه]

                                                                                                                                                                                        وصية الرجل لعبده ولعبد وارثه جائزة إذا لم يكن معه وارث سواه وإن كثرت ، فإن كان معه وصايا حاص بوصيته ، فإن كانت الوصية لعبد وارثه ومعه ورثة جازت فيما قل مثل الثوب والشيء الخفيف ، ويجوز بأكثر من ذلك إذا كان لقضاء دين عليه ، وكان القضاء يزيد في ثمنه الشيء اليسير ووصيته لمدبر ولده وأم ولده تجوز في الشيء اليسير وتجوز للمكاتب بالكثير إذا كان يقدر على أداء كتابته من غير الوصية . قال أشهب : فإن كان لا يقدر إلا بالوصية وكان الأداء أفضل للسيد لم يجز ، وإن كان العجز أفضل ، جازت . وأرى أن تجوز وإن كان الأداء أفضل للسيد; لأن القصد بالوصية للمكاتب ليخرج بها من الرق .

                                                                                                                                                                                        وقد اختلف فيمن زوج ابنته في مرضه وضمن الصداق ، فقيل : الضمان جائز وهي وصية للزوج ، وإن كانت المنفعة تصير للابنة . وقيل : لا يجوز الضمان . والأول أحسن ، فإذا أوصى لعبده أو لعبد وارثه بوصية لم يكن للورثة ولا لسيد العبد الوارث أن ينتزعها . قال ابن القاسم : ولو انتزعها لكانت وصية الميت غير نافذة ، وإن باعوه باعوه بماله ، وإذا بيع بماله كان للمشتري أن ينتزع ذلك إن شاء . وقال أشهب : يقر ذلك بيد العبد حتى ينتفع به ويطول زمان ذلك ولا ينتزعوه إن باعوه قبل أن يطول زمانه . قال : واستحسنت في الكثير ما ذكرت لك ، قال : لأن القياس إما أن ينتزعوه مكانه [ ص: 3587 ] أو لا ينتزعوه أبدا; لأن الميت نزعه منهم . والأول أحسن ألا ينتزع بحال; لأن الميت كما قال انتزعه منهم ، وكذلك أرى في المشتري ألا ينتزعه; لأن البيع على أن ينتزعه المشتري بمنزلة انتزاع الوارث فقد يكون ثمن العبد خمسين دينارا وفي يديه خمسون ، فإن بيع بماله على أن للمشتري أن ينتزع ماله كان ثمنه مائة دينار أو ما قاربها ، فكان البائع هو المنتزع إذ سلطه على ذلك ، وأخذ له ثمنا ، ولو بيع على أنه في يديه كالحبس لم يزد في ثمنه كبير شيء .

                                                                                                                                                                                        وأجاز ابن القاسم إذا كانت الوصية لعبد أجنبي للسيد أن ينتزعها ، والقياس أيضا ألا ينتزع كعبد الموصي; لأن القصد بالوصية انتفاع العبد ولو لم يرد ذلك لوصى بها لسيد ذلك العبد . [ ص: 3588 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية