الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيمن أوصى لثلاثة نفر بعبده وبعشرة دنانير وبباقي الثلث ، فمات العبد قبل النظر في الثلث]

                                                                                                                                                                                        وقال محمد فيمن أوصى لرجل بعشرة دنانير ، ولآخر بعبده ، ولآخر بباقي الثلث ، فمات العبد قبل النظر في الثلث ، قال : يأخذ الموصى له بالعشرة وصيته من كل ما بقي بعد العبد كأنه لم يكن ، ثم يحيي العبد بالذكر فتضم قيمته إلى ما [ ص: 3630 ] ترك الميت ، ثم يخرج من ثلث الجميع العبد والعشرة ، فإن بقي شيء كان لصاحب باقي الثلث ، وإلا فلا شيء له .

                                                                                                                                                                                        وكذلك لو باع ذلك العبد ، لم يكن لصاحب باقي الثلث إلا ما بعده كأنه لم يبعه ، أو كانت أمة فأولدها ، لم يكن له إلا ما بعد قيمتها .

                                                                                                                                                                                        قال مالك : وإن قال : لفلان عشرة ، ولفلان ما بقي من ثلثي ، ولفلان عشرة ، كانت العشرة مبدأة كمثل الذي قال له ما بقي من ثلثي; لأن أول الوصية وآخرها سواء .

                                                                                                                                                                                        قال أشهب : هو بمنزلة قوله لفلان عشرة ، ولفلان عشرة ، ولفلان ما بقي من ثلثي .

                                                                                                                                                                                        قال محمد : وإن قال لفلان عشرة ، ولفلان ما بقي من ثلثي بعدها ، ولفلان عشرة ، نظر ما بقي من الثلث بعد العشرة الأولى فيكون كشيء مسمى أوصى له به ، ويحاص به صاحب العشرين ، فما صار لصاحب باقي الثلث ، أتم منه لصاحب العشرة الأولى عشرته ، ويصير الحصاص للأول أو لصاحب باقي الثلث جميعا بالثلث ، ثم يفضل الأول من ذلك بعشرة ، وهذا إذا كان الثلث أكثر من عشرة ، فإن كان عشرة فأقل فلا حصاص لصاحب باقي الثلث ، والثلث بين صاحبي العشرتين نصفين ، وإن كان [ ص: 3631 ] الثلث ثلاثين ، كان لصاحب العشرة الأخرى سبعة ونصف ، وللأول مثلها ، ويأخذ تمام عشرته ، ثم يبدأ بصاحب باقي الثلث ، ويبقى لصاحب باقي الثلث اثنا عشر ونصف .

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب : تخرج العشرة الأولى من الثلث ، فإن بقي خمسة ، تحاص فيها صاحب باقي الثلث ، وصاحب العشرة المبهمة ، فما وقع لصاحب الباقي أخذه ، وما وقع لصاحب العشرة الآخرة أتبعه مع صاحب الأولى ، فاقتسماه نصفين . والأول أبين; لأن الميت لم يبد الأول على الآخر بل سوى بينهما .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك : إذا قال : ثلثي لفلان ، ولفلان من ثلثي عشرة دنانير ، بدي صاحب العشرة ، وإن قال : ولفلان عشرة ، ولم يقل : من ثلثي ، تحاصا ، ثم رجع فقال يتحاصان وإن قال : من ثلثي . والأول أبين; لأنه انتزع العشرة من الثلث ، وقد قال فيمن حبس على ولده وأجنبيين حائطا وسمى لبعضهم كيلا ، وأبهم الآخرين بدي من سمى له كيلا وهم أولى بما يخرج الحائط من الآخرين .

                                                                                                                                                                                        وقال في العتبية فيمن أوصى لثلاثة نفر بثلثه ، ثم قال لفلان عشرة ، ولفلان عشرون ، وسكت عن الثالث فقال : للذي سكت عنه ثلث الثلث ، ويعطى لهذا عشرة ، وللآخر عشرون ، ثم يقسم الباقي على ثلث الثلث ، وعلى العشرة والعشرين بالحصاص . [ ص: 3632 ]

                                                                                                                                                                                        وقال أصبغ في كتاب محمد : يأخذ المسكوت عنه ثلث الثلث ، ويقسم الباقي بين المسمى لهما أثلاثا ، لصاحب العشرة جزء وللآخر جزءان .

                                                                                                                                                                                        وعلى قول مالك في مسألة الحائط : يبدأ صاحب العشرة والعشرين ، ويكون ما بقي للمسكوت عنه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن وهب في العتبية : إذا أوصى فقال : ثلثي لفلان ، ولفلان عشرة دنانير ، ولا تنقصوا صاحب الثلث شيئا ، كان الثلث كله له ، ولا شيء للآخر ، ولو قال : لفلان ثلثي ، ولفلان عشرة ، ولا ينقص منها شيء ، والثلث عشرة ، كانت له ولا شيء للآخر فجعلها منتزعة من الثلث ، وإن قال : لا تنقصوا صاحب الثلث ، كانت العشرة من ثلثي الورثة إن رضوا وإلا فلا شيء له . [ ص: 3633 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية