الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في خيار المشتري على الصفة]

                                                                                                                                                                                        واختلف في البيع على خيار المشتري من غير رؤية، فقال سحنون: أجازه جل أصحاب مالك وأجازه ابن القاسم في من اشترى زيتونا قبل عصره ولا يدرى كيف خروجه إذا كان بالخيار بعد عصره.

                                                                                                                                                                                        وذكر أبو الحسن ابن القصار وأبو محمد عبد الوهاب أن ذلك غير جائز إذا كان البائع عارفا به والمشتري جاهلا به.

                                                                                                                                                                                        فيجوز أن ينعقد البيع على رفع الخيار من ناحية البائع؛ لأنه عارف وعلى أن الخيار للمشتري بعد نظره وما عقد عليه الصفة فلا غرر فيه، وإن كان المشتري عارفا به، والبائع يجهله جاز أن يعقدا على أن البيع منعقد من ناحية [ ص: 4456 ] المشتري والخيار للبائع.

                                                                                                                                                                                        ولو أبق عبد لرجل وطالت مدته وتغيرت صفته فوجده رجل فاشتراه من سيده أو صار للبائع بالميراث، وهو لا يعرفه فاشتراه منه من يعرفه، جاز.

                                                                                                                                                                                        والبيع على الصفة يجوز إذا كان المشتري ممن يعرف ما وصفه، فقد يكون بعض المبيعات مما تغمض صفته، وليس كل الناس ممن يعرف أن يحلي، يصف المبيع ولأن شرط البيع على الصفة أن يصف صفة تقوم مقام المعاينة أو ما يقارب ذلك.

                                                                                                                                                                                        ويجوز شراء الأعمى على الصفة إذا كان بصيرا ثم عمي.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا خلق أعمى فمنع أبو جعفر الأبهري ذلك وأجازه أبو محمد عبد الوهاب.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يجوز فيما يرى أن مثل ذلك يلزم القلب معرفته للمباشرة لمثله مثل الملابس وما يتكرر عليه لبسه وما لا يتبين ما يجوز أن يخفى عليه منه، وإن كان على غير ذلك كالألوان والجمال في الجواري لم يجز؛ لأنا نعلم أنه لو كشف عن بصره وقيل له في لون ما هذا؟ لم يعرفه، وهو في الجمال أبين في خفاء ذلك عليه، ويصح شراؤه فيما العادة في شرائه الذوق والشم كالزيوت والأدهان في البصير شراؤها على ذلك، وقد يستخف شراؤه بالمس في الشاة وما أشبهها إذا أخبر عن سنها؛ لأن ذلك الذي يعول عليه البصير وقد أجاز أشهب في كتاب محمد أن تشترى أرطالا من شاة بعينها إذا جسها وعلم نحوها فهو في شرائه على الحياة أخف. [ ص: 4457 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية