الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في اختلاف المتبايعين في ما بيع على الصفة تقدمت هل هو على ما تبايعا عليه؟

                                                                                                                                                                                        وإن بيع غائب على صفة، ثم قال المشتري لما أحضره: كنت وصفت لي ما وصفت على غير ما هو عليه، كان القول قول المشتري مع يمينه، ويرد إلا أن يذكر المشتري صفة لا يشبه أن يكون ثمنها ما وقع به البيع.

                                                                                                                                                                                        وإن اتفقا على الصفة التي تبايعا عليها واختلف هل هذا داخل في تلك الصفة لزمه وإلا لم يلزمه، وكذلك لو تقدمت للمشتري رؤية في ذلك المبيع، وانتقل عنها مثل أن يكون صغيرا فكبر ثم عقد البيع على صفة ما انتقل إليه ثم اختلفا، فقال المشتري: وصفت لي صفة غير هذه كان القول قوله؛ يحلف، ويرد؛ لأن تلك الرؤية سقط حكمها وصار البيع على صفة.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا عقد البيع على رؤية تقدمت ثم قال المشتري تغير عنها، وقال البائع لم يتغير، فقال ابن القاسم القول قول البائع، وقال أشهب القول قول المشتري.

                                                                                                                                                                                        وأرى إذا أشكل الأمر هل يتغير فيما بين رؤيته إلى حين إحضاره أو يكون القول قول البائع على ما رئي عليه حتى يثبت انتقاله عنه وتغيره، وإلى هذا ذهب ابن القاسم، وروى أشهب أن المشتري غارم فلا يغرم بالشك، وإن قرب ما بين الرؤيتين مما يقال: إنه لا يتغير في حال مثله كان القول قول البائع قولا واحدا وكذلك إذا بعد ما بينهما مما يقال: إن ذلك المبيع لا يبقى على حال [ ص: 4458 ] ما كان رئي عليه كان القول قول المشتري؛ لأنه دليل وشاهد لقوله، وقد يسقط اليمين عن البائع إذا قطع بكذب المشتري في مثل أن يشتري زيتا أو قمحا بالأمس، ويقول اليوم قد تغير الزيت واحمر وتسوس الآخر.

                                                                                                                                                                                        واختلف في من باع جارية بها ورم كان رآه ثم اختلفا هل زاد، فقال ابن القاسم: القول قول البائع، وقال أشهب: القول قول المشتري.

                                                                                                                                                                                        وهذا الاختلاف يحسن إذا أشكل الأمر فيما بين الرؤيتين هل ينتقل؟ ولو كان اشترى بأثر ما رآه كان القول قول البائع، وإن طال ما بين ذلك مما يرى أنه لا يثبت على ما كان رآه كان القول قول المشتري إلا أن يكون ذلك في هبوط ونقص فلا يقبل قوله أنه زاد.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية