الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن اكترى أرضا أو إبلا ثم فلس المكتري أو مات

                                                                                                                                                                                        اختلف فيمن اكترى أرضا فزرعها ثم فلس أو مات على ثلاثة أقوال:

                                                                                                                                                                                        فقال مالك في "المدونة": صاحب الأرض أحق في الفلس من الغرماء; لأن الزرع في أرضه، ولو مات كان أسوة الغرماء.

                                                                                                                                                                                        وفي "كتاب محمد" فهو أحق في الفلس والموت.

                                                                                                                                                                                        وعند ابن شعبان أنه أسوة في الفلس والموت.

                                                                                                                                                                                        وقال فيمن اكترى إبلا ليحمل عليها بزا ثم فلس الجمال: فالبزاز أحق بالإبل التي في يديه حتى يستوفي كراءه، إلا أن يضمن له الغرماء حملانه ويكترون له من أملياء ثم يأخذون الإبل فيبيعونها.

                                                                                                                                                                                        وقال غيره: لا يجوز أن يضمنوا له حملانه. وقال سحنون: معنى المسألة إذا كان الكراء مضمونا.

                                                                                                                                                                                        قال مالك: وإن فلس البزاز كان الجمال أحق بذلك البز يباع له حتى يقبض كراءه وتكرى الإبل للغرماء. [ ص: 5123 ]

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: إذا فلس الجمال وكان الكراء على إبل بعينها كان المكتري أحق بها قولا واحدا; لأن المنافع المعينة كالسلعة المعينة، وليس للغرماء أن ينتزعوها بمثلها، وإذا لم يكن لهم أن ينتزعوها منه جاز أن يراضيهم على تسليمها بمثل رأس المال أو أكثر ومثل تلك المنافع.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان الكراء مضمونا، فقال مالك في كتاب الرواحل: المكتري أحق بما قدم إليه فيه من الغرماء، وليس للجمال أن ينتزعه منه. يريد: وإن لم يفلس، وكذلك الغرماء.

                                                                                                                                                                                        وقال في "كتاب محمد": المكتري أحق ولو كان الجمال يريد الإبل تحته.

                                                                                                                                                                                        وقال غير ابن القاسم في "المدونة": ليس الراحلة بعينها كالمضمون. ولم يجعله أحق في الفلس.

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول أنه أحق إذا ضمن ذلك الغرماء هل يجوز ذلك؟ وأما إذا كان الكراء معينا لم يكن لهم ذلك قولا واحدا، ويختلف إذا تراضوا بذلك.

                                                                                                                                                                                        تم كتاب كراء الدور والأرضين

                                                                                                                                                                                        والحمد لله رب العالمين

                                                                                                                                                                                        [ ص: 5124 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية