الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في الحكم بشهادة البينة على شهادة غيرها]

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا حكم القاضي بشهادة بينة، شهدت على شهادة غيرها، ثم أتى المنقول عنهم ذلك فأنكروا وقالوا: ما أشهدناهم بشيء. هل يكون ذلك رجوعا منهم وينقض الحكم، ويكونون أحق بشهادتهم أو لا يكونون ولا يعد رجوعا، ولا ينقض الحكم؟

                                                                                                                                                                                        قال محمد -في رجلين نقلا عن أربعة أنهم أشهدوهم على فلان بالزنا فلم يحد الناقلان، حتى قدم الأربعة فأنكروا أن يكونوا أشهدوهم- قال: يحد الأربعة القادمون حد القذف، ويسلم الاثنان; لأنهما صارا شاهدين على الأربعة بالقذف. فأثبت النقل وجعل إنكار الأربعة رجوعا.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك -في كتاب ابن حبيب، في رجلين نقلا عن غائب، فحكم بشهادتهما مع يمين صاحب الحق، ثم قدم الغائب فأنكر الشهادة-: فإن الحكم ينقض ويرد، ورآه أحق بشهادته من اللذين نقلا عنه ونقض الحكم، وقال مطرف وابن القاسم: الحكم ماض ولا غرم عليه ولا على الناقلين، قال: ولو قدم قبل الحكم بها كان أحق بشهادته. فرأيا أن الأمر فيه بعد الحكم [ ص: 5361 ] مشكل، هل يرجعا أو كان الوهم من قبل الناقلين فلم ينقض الحكم، ولا أغرم الناقلين، فعلى قولهما وقول مالك لا يحد الأربعة، ولا يعد قولهما الآن رجوعا، وعلى قول محمد يغرم المنقول عنه الشهادة المال.

                                                                                                                                                                                        وأرى أن يرد الحكم; لأنه أولى بشهادته، ولا يغرم الناقلان; لأن الأمر مشكل، هل صدق أو كذب؟ فلا يغرمان بالشك، والأمر في المنقول عنهم في الزنا أبين أن لا حد عليهم; لأن قولهم وقول الناقلين في معنى التكاذب، فقول الأربعة أقوى من قول الاثنين. [ ص: 5362 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية