الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [فيما إذا اختلف قول الراهن والمرتهن]

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم: وإن كان للرجل دين بذكر حق بمائة وفي يده رهن قيمته مائة، وقال: هو رهن في مائة أخرى، وقال الراهن: بل تلك المائة التي [ ص: 5712 ] بذكر الحق، كان القول قول الراهن . يريد: أن الأمر محتمل هل هو بتلك المائة أو بغيرها ولا يغرم بالشك.

                                                                                                                                                                                        وقال مرة: القول قول المرتهن ؛ لأن الشأن إذا كان فيما كان فيه ذكر الحق أن يكتب في ذلك الصك، وإن اعترف الراهن بالمائتين، وقال المرتهن : في مائة منهما، وقيمة الرهن مائتان، كان القول قول الراهن .

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كان قيمته مائة، فقال ابن القاسم: القول قول الراهن فيدفع مائة ويأخذه.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: القول قول المرتهن، والأول أبين. وإن قال في عبدين: رهنتك هذا والآخر وديعة، وقال المرتهن: بل أرهنتني العبدين، كان القول قول الراهن، وإن قال: أرهنتك هذا العبد بعينه والآخر وديعة، وقال المرتهن: بل هو وديعة والآخر رهن، كان القول قول المالك، ولا يكون للمرتهن إلا ما أقر له أنه رهن.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم فيمن دفع إلى رجل نمطا وجبة فضاع النمط ثم اختلفا، فقال الراهن: كان النمط رهنا والجبة وديعة، وقال القابض : الجبة رهن [ ص: 5713 ] والنمط وديعة، كان القول قول الراهن مع يمينه أنها وديعة ويأخذها، والقول قول المرتهن مع يمينه أن النمط وديعة ولا شيء عليه .

                                                                                                                                                                                        وإن قال: بعتك هذا العبد بمائة وقد قبضتها، وقال الآخر: بل أرهنته لي في مائة، كان القول قول المرتهن مع يمينه أنه لم يشتره ويقبض المائة ويسلمه.

                                                                                                                                                                                        وإن قال: بعتك هذا العبد ولم أقبض المائة، كان القول قول المالك أنه لم يقبض، والقول قول الآخر أنه لم يشتره، ولا تباعة بينهما.

                                                                                                                                                                                        وإن قال: أرهنتك في مائة وقبضتها . وقال الآخر: بل اشتريته بتلك المائة، كان القول قول المالك أنه رهن ويدفع المائة ويأخذ عبده، وإن قال: لم أقبضها، حلف ورد العبد. وإن فات بحوالة سوق أو بتغير بدن، لم يكن فوتا، ولو كان ثوبا فلبسه فأبلاه، مضى بالأكثر من قيمته يوم لبسه أو الثمن، فإن هلك ببينة أو كان عبدا فمات وثبت كل واحد منهما على قوله، لم يقض بالثمن لواحد منهما؛ لأن كل واحد منهما ينفي أن يكون له فيه حق، فإن رجع أحدهما عن قوله كان له، وإن رجعا جميعا كان لأولهما رجوعا.

                                                                                                                                                                                        وإن قال المالك: أودعتك. وقال الآخر: أرهنتني، كان القول قول المالك أنه وديعة، وإن لم يقبض ما ادعاه الآخر أنه رهنه فيه، إلا أن تكون العادة في مثل ذلك أنه رهن. والشأن في مثل البياع يبيع الخبز وما أشبهه يدفع إليه [ ص: 5714 ] الخاتم ونحوه أنه رهن ولا يقبل قول صاحبه أنه وديعة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية