الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب في العفو عن العمد

                                                                                                                                                                                        العفو عن القتل العمد إلى من يستحق القيام به ولا يخلو القائمون به من ثلاثة أحوال، إما أن يكونوا رجالا لا نساء معهم أو نساء لا رجال معهن أو رجالا ونساء فإن كانوا رجالا بانفرادهم وهم في القعدد سواء بنون أو بنو بنين أو إخوة فعفا أحدهم سقط الدم.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانوا أبعد من هؤلاء كالأعمام أو بني الأعمام أو من هو أبعد منهم فقال مالك وابن القاسم: إن عفا واحد منهم سقط الدم، وروى أشهب في كتاب محمد عن مالك أنه لا يسقط إلا باجتماعهم على العفو وإن اختلفت منزلتهم من الميت فالعفو والقيام إلى أقربهم بالمقتول ولا مقال للآخر معه في عفو أو قتل وأولاهم الابن ثم ابن الابن ثم الأب.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الجد والإخوة فجعله ابن القاسم أخا مع الإخوة في الخطأ والميراث من المال، وقال: يحلف معهم ثلث الأيمان، فإن عفا وكره الإخوة جاز عفوه.

                                                                                                                                                                                        وقال أشهب: الإخوة وبنوهم أحق من الجد كالولاء هم أحق به منه ، وقد وافق ابن القاسم في الولاء والإخوة وبنوهم أحق من الأعمام [ ص: 6455 ] بالقتل والعفو.

                                                                                                                                                                                        ويختلف إذا كان أحدهم أخا لأم فعلى قول ابن القاسم هو كأحدهم، وقول أشهب إنه أحق، وقد اختلفا فيه في الولاء فقال ابن القاسم: هم في الولاء سواء، وقال أشهب في كتاب محمد: هو أحق; لأنه أقعد منهم للرحم مثل ما لو ترك المعتق أخا شقيقا وأخا لأب، ومثل ما لو ترك بني أعمام أحدهم شقيق والآخر لأب، يقول فإذا كانت زيادة الرحم مع تساويهم في القعدد بالأبوة يكون أحق كان هذا أحق بزيادة الرحم فإنها رحم أقرب; لأن أمه أم الميت وهؤلاء أمهم أجنبية من الميت، وإن لم يكن إلا رجل من الفخذ أو من القبيل أو لا يعرف قعدده من الميت ومن لا يكون له ميراثه لم يكن له قيام بالدم، فإذا اجتمع في القيام بالدم نسب وولاء كان النسب المبدى في القيام والعفو وإن لم يكن ذو نسب فالمولى الأعلى فإن لم يكن مولى أعلى فالسلطان ولا شيء للمولى الأسفل.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية