الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3134 حدثني عمرو بن علي حدثنا ابن أبي عدي عن أبي يونس القشيري عن ابن أبي مليكة أن ابن عمر كان يقتل الحيات ثم نهى قال إن النبي صلى الله عليه وسلم هدم حائطا له فوجد فيه سلخ حية فقال انظروا أين هو فنظروا فقال اقتلوه فكنت أقتلها لذلك فلقيت أبا لبابة فأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقتلوا الجنان إلا كل أبتر ذي طفيتين فإنه يسقط الولد ويذهب البصر فاقتلوه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبي يونس القشيري ) هو حاتم بن أبي صغيرة ، وهو بصري ومن دونه ، وأما من فوقه فمدني .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن ابن عمر كان يقتل الحيات ثم نهى ) هو بفتح النون ، وفاعل نهى هو ابن عمر ، وقد بين بعد ذلك سبب نهيه عن ذلك . وكان ابن عمر أولا يأخذ بعموم أمره صلى الله عليه وسلم بقتل الحيات . وقد أخرج أبو داود من حديث عائشة مرفوعا " اقتلوا الحيات ، فمن تركهن مخافة ثأرهن فليس مني .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم هدم حائطا له فوجد فيه سلخ حية ) هو بكسر السين المهملة وسكون اللام بعدها معجمة وهو جلدها ، كذا وقع هنا مرفوعا ، وأخرجه مسلم من وجه آخر موقوفا فأخرج من طريق الليث عن نافع " أن أبا لبابة كلم ابن عمر ليفتح له بابا في داره يستقرب بها إلى المسجد ، فوجد الغلمان جلد جان . فقال ابن عمر : التمسوه فاقتلوه ، فقال أبو لبابة : لا تقتلوه " ومن طريق يحيى بن سعيد وعمر بن نافع ، عن نافع نحوه . ويحتمل أن تكون القصة وقعت مرتين . ويدل لذلك قول ابن عمر في هذه الرواية " وكنت أقتلها لذلك " وهو القائل " فلقيت أبا لبابة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا تقتلوا الجنان إلا كل ذي طفيتين ) إن كان الاستثناء متصلا ففيه تعقب على من زعم أن ذا الطفيتين والأبتر ليس من الجنان ، ويحتمل أن يكون منقطعا ، أي لكن كل ذي طفيتين فاقتلوه والجنان بكسر الجيم وتشديد النون جمع جان وهي الحية الصغيرة ، وقيل : الرقيقة الخفيفة ، وقيل الدقيقة البيضاء ، الحادي عشر حديث عائشة وابن عمر في الخمس التي لا جناح على المحرم في قتلهن ، وقع في حديث عائشة " الحديا " وفي حديث ابن عمر " الحدأة " والحديا بصيغة التصغير ، وقد أنكر ثابت في الدلائل هذه الصيغة وقال الصواب الحديأة أو الحدية أي بهمزة وزيادة هاء أو بالتشديد بغير همز ، قال : والصواب أن الحديأة ليس من هذا ، وإنما هو من التحدي يقولون : فلان يتحدى فلانا أي ينازعه ويغالبه ، وعن ابن أبي حاتم ، أهل الحجاز يقولون لهذا الطائر الحديا ويجمعونه الحدادي ، وكلاهما خطأ . وأما الأزهري فصوبه وقال : الحديأة تصغير الحدي . وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في كتاب الحج .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية