الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3392 حدثنا إسماعيل قال حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال أخبرني حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها فلما صنع له المنبر وكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله في الطريق الأخرى ( حدثنا إسماعيل ) هو ابن أبي أويس ، وأخوه هو أبو بكر ، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري ، وروايته عن حفص من رواية الأقران لأنه في طبقته .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل ) أي إن الجذوع كانت له كالأعمدة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم إلى جذع منها ) أي حين يخطب ، وبه صرح الإسماعيلي بلفظ " كان إذا خطب يقوم إلى جذع " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كصوت العشار ) بكسر المهملة بعدها معجمة خفيفة جمع عشراء تقدم شرحه في الجمعة ، والعشراء الناقة التي انتهت في حملها إلى عشرة أشهر ، ووقع في رواية عبد الواحد بن أيمن " فصاحت النخلة صياح الصبي " وفي حديث أبي الزبير عن جابر عند النسائي في الكبير " اضطربت تلك السارية كحنين الناقة الخلوج " انتهى . والخلوج بفتح الخاء المعجمة وضم اللام الخفيفة وآخره جيم الناقة التي انتزع منها ولدها ، وفي حديث أنس عند ابن خزيمة " فحنت الخشبة حنين الوالد ، وفي روايته الأخرى عند الدارمي " خار ذلك الجذع كخوار الثور " وفي حديث أبي بن كعب عند أحمد والدارمي وابن ماجه " فلما جاوزه خار الجذع حتى تصدع وانشق " وفي حديثه " فأخذ أبي بن كعب ذلك الجذع لما هدم المسجد فلم يزل عنده حتى بلي وعاد رفاتا " وهذا لا ينافي ما تقدم من أنه دفن ، لاحتمال أن يكون ظهر بعد الهدم عند التنظيف فأخذه أبي بن كعب ، وفي حديث بريدة عند الدارمي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : اختر أن أغرسك في المكان الذي كنت فيه فتكون كما كنت - يعني قبل أن تصير جذعا - وإن شئت أن أغرسك في الجنة فتشرب من أنهارها فيحسن نبتك وتثمر فيأكل منك أولياء الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اختار أن أغرسه في الجنة قال البيهقي : قصة حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي حملها الخلف عن السلف ، ورواية الأخبار الخاصة فيها كالتكلف . وفي الحديث دلالة على أن الجمادات قد يخلق الله لها إدراكا كالحيوان بل كأشرف الحيوان ، وفيه تأييد لقول من يحمل وإن من شيء إلا يسبح بحمده على ظاهره . وقد نقل ابن أبي حاتم في " مناقب الشافعي " عن أبيه عن عمرو بن سواد عن الشافعي قال : ما أعطى الله نبيا ما أعطى محمدا ، فقلت : أعطى عيسى إحياء الموتى ، قال : أعطى محمدا حنين الجذع حتى سمع صوته ، فهذا أكبر من ذلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية