الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2277 - وعن ثوبان - رضي الله عنه - ، قال : لما نزلت : والذين يكنزون الذهب والفضة كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ، فقال بعض أصحابه : نزلت في الذهب والفضة ، لو علمنا أي المال خير فنتخذه ؟ فقال " أفضله لسان ذاكر ، وقلب شاكر ، وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه " رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه .

التالي السابق


2277 - ( وعن ثوبان ، قال : لما نزلت : والذين يكنزون الذهب والفضة كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره . فقال بعض أصحابه : نزلت في الذهب والفضة ) : أي : ما نزلت أو نزلت هذه الآية في الذهب والفضة ، وعرفنا حكمهما ومذمتها ( لو علمنا ) : " لو " للتمني ( أي المال خير ) : مبتدأ وخبر ، والجملة سدت مسد المفعولين لعلمنا تعليقا ( فنتخذه ؟ ) : منصوب بإضمار أن بعد الفاء جوابا للتمني ، قيل : السؤال وإن كان عن تعيين المال ظاهرا ، ولكنهم أرادوا ما ينتفع به عند تراكم الحوائج ، فلذلك أجاب عنه بما أجاب ، ففيه شائبة من الجواب عن أسلوب الحكيم . ( فقال : " أفضله ) : أي : أفضل المال أو أفضل ما يتخذه الإنسان قنية ( لسان ذاكر ، وقلب شاكر ، وزوجة مؤمنة ) .

قال الطيبي : الضمير في أفضله راجع إلى المال على التأويل بالنافع ، أي : لو علمنا أفضل الأشياء نفعا فنقتنيه ، ولهذا السر استثنى الله من أتى بقلب سليم من قوله : مال ولا بنون ، والقلب إذا سلم من آفاته شكر الله تعالى ، فسرى ذلك إلى لسانه ، فحمد الله وأثنى عليه ، ولا يحصل ذلك إلا بفراغ القلب ومعاونة رفيق يعينه في طاعة الله تعالى اهـ .

ولهذا قال : " تعينه على إيمانه ) : أي : على دينه بأن تذكره الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات ، وتمنعه من الزنا وسائر المحرمات ، وقيل : إنما أجاب - عليه الصلاة والسلام - بما ذكر ; لأن المال لا ينفع مالكه ، ولا شيء للرجل أنفع مما ذكر ، وظاهر كلام الطيبي : أن القلب مقدم على اللسان في نسخته فبنى عليه ما ذكره ، وإلا فيقال : إذا ذكر الله بلسانه سرى ذلك إلى جنانه فشكر على إحسانه ، فقدر الله تعالى له مؤنسة تعينه على إيمانه ، وهذا طريق المريدين ومسلك أكثر السالكين ، والذي ذكره الطيبي طريقة المرادين المجذوبين قال تعالى : وقليل ما هم ، وقليل من عبادي الشكور ( رواه أحمد ، والترمذي ، وابن ماجه ) .

[ ص: 1557 ]



الخدمات العلمية