الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2786 - وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : كان لأبي بكر - رضي الله عنه - غلام يخرج له الخراج ، فكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوما بشيء ، يأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدري ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية ، وما أحسن الكهانة ، إلا أني خدعته فأعطاني بذلك ، فهذا الذي أكلت منه ، قالت : فأدخل ! أبو بكر يده ، فقاء كل شيء في بطنه . رواه البخاري .

التالي السابق


2786 - ( وعن عائشة قالت : كان لأبي بكر - رضي الله عنه - غلام ) : أي عبد ( يخرج ) : بتشديد الراء أي يعطي ( له الخراج ) قال الطيبي - رحمه الله - : بتقدير المضاف ، أي يكسب له مال الخراج ، والخراج هو الضريبة على العبد مما يكسبه فيجعل لسيده شطرا من ذلك ، ( فكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوما بشيء ) ، أي : من المأكول ( فأكل ) : أي فشرع في الأكل ( منه أبو بكر ، فقال الغلام : تدري ) أي : تعلم ( ما هذا ؟ ) أي : الشيء المأكول ( فقال أبو بكر : وما هو ؟ ) : أي : أي شيء هو ؟ ( قال : كنت تكهنت لإنسان في الجاهلية ) : أي : أخبرت بمغيب موهما أني مستند في إخباري إلى الكهانة ( وما أحسن الكهانة ) : بفتح الكاف ويكسر ، والجملة حالية أي : ما أعرفها بالوجه الحسن ( إلا أني خدعته ) قال الطيبي - رحمه الله : الاستثناء منقطع أي لم أكن أجيد الكهانة لكن خدعته ( فلقيني ) : أي الآن ( فأعطاني بذلك ) أي بمقابلة كهانتي هذا الشيء ، وقيل الباء زائدة ( فهذا الذي أكلت منه ، قالت : فأدخل أبو بكر يده ، فقاء ) : أي : للورع ( كل شيء في بطنه ) : لغلظ حرمته حيث اجتمعت الكهانة والخديعة ، وقال الطيبي - رحمه الله : لكونه حلوانا للكاهن لا للخداع ، وقال ابن الملك : أخذ منه الشافعي - رحمه الله - أن من أكل الحرام وهو عالم به أو جاهل ، ثم علم لزمه أن يتقيأ جميع ما أكله فورا . اهـ .

وقد جعله الغزالي في المنهاج من باب الورع حيث قال : وحكم الورع أن لا تأخذ شيئا من أحد حتى تبحث عنه غاية البحث ، فتستيقن أنه لا شبهة فيه بحال ، وإلا فترده ، فقد روينا عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أن غلاما له أتاه بلبن فشربه ، فقال الغلام : كنت إذا جئتك بشيء تسألني عنه ، ولم تسألني عن هذا اللبن ؟ قال : وما قصته ؟ قال : رقيت قوما رقى الجاهلية فأعطوني هذا ، فتقيأ أبو بكر فقال : اللهم هذه مقدرتي فما بقي في العروق فأنت حسبه ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية