الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3695 - وعن زياد بن كسيب العدوي - رضي الله عنه - قال : كنت مع أبي بكرة تحت منبر ابن عامر وهو يخطب وعليه ثياب رقاق ، فقال أبو بلال انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق : فقال أبو بكرة : اسكت ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله . رواه الترمذي ، وقال هذا حديث حسن غريب .

التالي السابق


3695 - ( وعن زياد بن كسيب ) بالتصغير ( العدوي ) بفتحتين نسبة إلى بني عدي ; قال المؤلف : يعد في البصريين تابعي ، روى عن أبي بكرة ( قال كنت مع أبي بكرة ، تحت منبر ابن عامر ، وهو يخطب وعليه ثياب رقاق ) بكسر الراء ; أي رقيقة رفيعة ( فقال أبو بلال ) لم يذكره المؤلف ، ولعله أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ، ولده بلال كان واليا على البصرة ( انظروا إلى أميرنا يلبس ثياب الفساق ) يحتمل أن تكون ثيابا محرمة من الحرير والديباج ; لأن الغالب منهما أن تكون رقاقا ، ولعل الاعتراض الوارد عليه ، لكونه نصيحة تتضمن فضيحة ، يتفرع عليه فتنة صريحة ، ويحتمل أن لا يكون منهما ، لكن لما كان لبس ثياب الرقاق من دأب المتنعمين نسبه إلى الفسق ، وقد قال بعضهم : من رق ثوبه رق دينه ( فقال أبو بكرة اسكت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من أهان سلطان الله في الأرض ) ; أي أذل حاكما بأن أذاه ، أو عصاه ( أهانه الله ) قال الطيبي : والظاهر هذا الاحتمال ; لأن أبا بكرة رده بقوله : من أهان إلخ ، يعني تفسيقك إياه بسبب لبسه هذه الثياب التي يصون بها عزته ليس بحق ; لأن المعنى من أهان من أعزه الله وألبسه خلع السلطة ; أهانه الله ، وفي الأرض متعلق بسلطان الله ، تعلقها في قوله تعالى : إنا جعلناك خليفة في الأرض والإضافة في سلطان الله إضافة تشريف ، كبيت الله ، وناقة الله . ويحكى عن جعفر الصادق مع سفيان الثوري ; وعلى جعفر جبة خز دكناء ، فقال له : يا ابن رسول الله ليس هذا من لباسك ، فحسر عن ردن جبته فإذا تحتها جبة صوف بيضاء يقصر الذيل والردن عن الردن ، فقال يا ثوري : لبسنا هذا لله وهذي لكم ، فما كان لله أخفيناه ، وما كان لكم أبديناه . ذكره صاحب جامع الأصول في كتاب مناقب الأولياء ، والدكناء بالدال المهملة تأنيث الأدكن ، وهو ثوب مغبر اللون ، ذكره الطيبي ، وقال الإمام حجة الإسلام في منهاج العابدين : ذكر أن فرقد السبخي دخل على الحسن وعليه كساء ، وعلى الحسن حلة ، فجعل يلمسها ، فقال الحسن : ما لك تنظر إلى ثيابي ، ثيابي ثياب أهل الجنة ؟ وثيابك ثياب أهل النار ؟ بلغني أن أكثر أهل النار أصحاب الأكسية ، ثم قال الحسن : جعلوا الزهد في ثيابهم ، والكبر في صدورهم ، والذي يحلف به لأحدكم بكسائه أعظم كبرا من صاحب المطرف بمطرفه ( رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب ) .

[ ص: 2408 ]



الخدمات العلمية