الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3815 - وعن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجع من غزوة تبوك ، فدنا من المدينة ، فقال : " إن بالمدينة أقواما ، ما سرتم مسيرا ، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم " . وفي رواية : " إلا شركوكم في الأجر . قالوا : يا رسول الله ! وهم بالمدينة ؟ قال : وهم بالمدينة حبسهم العذر " . رواه البخاري .

التالي السابق


3815 - ( وعن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله كان رجع من غزوة تبوك ) : وفي نسخة بالتنوين ، وهي أرض بين الشام والمدينة ( فدنا من المدينة ) : أي : قاربهم ( فقال : إن بالمدينة أقواما ) : أي : جماعات ممن يتمنون الغزو ، ويحدثون أنفسهم بالخروج ، ولهم مانع ضروري ( ما سرتم مسيرا ) : أي : سيرا ، أو مكانا ( ولا قطعتم واديا ) : تخصيص لكون قطع الوادي أشق ، وليدل على الاستيفاء ( إلا كانوا معكم ) : أي : بالقلب والهمة والدعاء والنية ( وفي رواية : إلا شركوكم ) : بكسر الراء ففي القاموس شركه في البيع والميراث كعلمه يشركه [ ص: 2472 ] بالكسر ، والمعنى شاركوكم في الأجر ) : وإنما التفاوت في زيادة العمل المقتضي زيادة الثواب ( قالوا : يا رسول الله ! وهم بالمدينة ؟ قال : وهم بالمدينة حبسهم العذر ) : قال الطيبي : يدل هذا على أن القاعدين الأضراء يشاركون المجاهدين في الأجر ، ولا يدل على استوائهما فيه ، والدال على نفي الاستواء قوله تعالى : ( فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ) وقوله تعالى : ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) درجات ; أي على غير الأضراء ، أو فضل الله المجاهدين على القاعدين والأضراء درجة وهي الغنيمة ونصرة دين الله تعالى في الدنيا ، وفضل الله المجاهدين عليهم درجات في العقبى . قال النووي : فيه فضيلة النية في الخير ، وأن من نوى غزوا ، أو غيره من الطاعات فعرض له عذر منعه حصل له ثواب نيته ، وأنه كلما أكثر التأسف على فوات ذلك ، أو تمنى كونه من الغزاة ونحوهم كان أكثر ثوابا ( رواه البخاري ) : أي : عن أنس ، وكذا أبو داود .




الخدمات العلمية