الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4668 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم : " إذنك علي أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادي حتى أنهاك " . رواه مسلم .

التالي السابق


4668 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال ؟ قال لي ) أي : مخصوصا ( النبي - صلى الله عليه وسلم - : إذنك ) : بكسر فسكون وهو مبتدأ ، أي : علامة إذنك ( علي ) أي : بالدخول ، والخبر قوله : ( أن ترفع الحجاب ) أي : رفعك الحجاب وهو الستارة ( وأن تسمع ) : وفي نسخة صحيحة : وأن تسمع ( سوادي ) : بكسر السين ، أي : سري وكلامي الخفي الدال على كوني في البيت ( حتى أنهاك ) ، أي : عن الدخول حينئذ لمانع يكون عندي ، أو عن الدخول بغير استئذان ، فيكون مع الناس سواء ، وضبط شارح للمصابيح قوله : إذنك بمد أوله وفتح الذال ، وقال : معناه أنا آذن لك علي بأن ترفع الحجاب ، يعني : لا حاجة لك إلى الاستئذان إذا أردت الدخول علي ، بل أذنت لك أن تدخل علي وأن ترفع الحجاب .

[ ص: 2960 ] قلت : وفي هذا منقبة عظيمة ومدحة جسيمة له - رضي الله تعالى عنه - وما ذاك إلا لكثرة خدمته وملازمة صحبته ، فإنه كان صاحب النعلين والسواك والمطهرة والسجادة فهنيئا له ، ثم هنيئا ، ثم قال الشارح ، وقوله : سوادي بالكسر أي : سراري يقال : ساودته مساودة ، أي : ساررته ، سمي السوار سوادا ; لاقتراب السوادين فيه ، وهما شخصا المتناجيين اهـ . وهو المفهوم من النهاية .

وقال الطيبي قوله : علي متعلق بإذنك وهو مبتدأ ، وأن ترفع مع المعطوف خبره يعني : إذنك الجمع بين رفعك الحجاب وبين معرفتك إياي في الدار لو كنت مسارا لغيري هذا شأنك مستمر في جميع الأحيان إلا أن أنهاك ، وفيه دلالة على شرفه ، وأنه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة أهل البيت وصاحب السر ، وليس معناه أنه يدخل عليه في كل حال ، وأن يدخل على نسائه ومحارمه . قال النووي : فيه دليل على جواز الاعتماد على العلامة في الإذن بالدخول ، فإذا جعل الأمير والقاضي أو غيرهما رفع الستر الذي بابه علامة للإذن في الدخول عليه للناس عامة أو لطائفة خاصة ، أو لشخص ، أو جار ، أو علامة غير ذلك جاز الاعتماد عليها والدخول بغير استئذان . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية